مناقشة علمية لأهم مبادىء الحزب ( حزب التخبص التحرير الاسلامي )...ورد علمي مفصل حول خبر الواحد
الرد على حزب التحرير
مناقشة علمية لأهم مبادىء الحزب ورد علمي مفصل حول خبر الواحد
المؤلف عبد الرحمن دمشقية
لتحميل الكتاب كاملا
على الرابط
المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين. أما بعد:
فقد شهد القرن العشرين بعد نهاية المملكة العثمانية بروز جماعات دينية "مسيسة" التوجه ترى في دخول معترك السياسة أملا في النهضة بالأمة والعودة بها الى ما كانت عليه من عز وقيادة.
وقدم كل من هذه الأحزاب عملا وطرح منهجا كان لابد من دراسته لما فيه خير اللأمة
ومن هذه الجماعات (حزب التحرير) وهو حزب يحض المسلمين على العمل لأستعادة الخلافة التي سقطت في نظر الحزب منذ بداية هذا القرن ومنذ ذلك الوقت تراجعت الأمة وفقدت كيانها وهيبتها بين الأمم.
غير أن هذه الحركات تجاهلت تراجع الأمة في دينها والذي بسببه تراجعت في دنياها وفقدت من القوة والأرض والسؤدد والكرامة بقدر ما فقدت من دينها. وتخلفت عن الدور الحضاري كنتيجة طبيعية لتخلفها عن الدين، وأكمل الكفار طريق اللم الذي وقفت عنده هذه الأمة، وغدا ضعفها متخلفها فتنة لأمم الكفر الذين وظفوا تقدمهم العلمي لصالح دينهم وجعلوه علامة على صحته.
وتأصلت هذه الحركات على أصول الحماس والعاطفة. وتقلد رايتها أشخاص تعلموا الرغبة والحماس ولم يتعلموا العلم، فتخبطوا وتخبط ورآئهم من تبعهم، واستفاد عدو المسلمين من هذا التخبط وهذه العشوائية. وغلب عليها اعتماد وسائل مرتجلة آلت بالمسلمين الى زيادة ضعف ومنحت عدو المسلمين الذريعة ورآء الذريعة.
وصار العمل الدعوي مرهونا موقوفا تعطله المواقف السياسية فلا دعوا حتى تعود الأرض وحتى يعود الحكم
ولكن لم تسترد الأرض ولم تسترد الخلافة، ومات كثيرون على ملل الكفر، وتحملت الأمة إثم تركهم بلا دعوة وخسر الأسلام أعدادا هائلة ممن ماتوا على غيره من الملل.
ولا يجوز تعطيل الدعوة لأي سبب كان سياسيا أو غيره، فلو كان شعار الأرض أقدس من شعار الدعوة لما خرج النبي من مكة وأمر بالخروج منها. ولا يجوز أن تكون مشكلة الأرض سببا في تعطيل الدعوة. فبالدعوة انقلب رجال من أعداء لهذا الدين الى أنصار له بعد دعوتهم كما في غزوة الخندق. وبدعوة مصعب اعتنق أهل المدينة الأسلام. فعامل الدعوة له أكبرالأثر على تغيير سياسة الأمة وخروجها من المآزق السياسية التي نعاني منها ولكن السياسيين لا يولون هذا العامل حقه
ولننظر الى الدول الغربية التي تدعي أنها لا تبالي بالدين كيف تدعم النشاط التبشيري وتخصص له الميزانيات الضخمة، ليس لوجه الله وإنما لعلمها بأن الدعوة الى النصرانية إنما تمهد لها الطريق لتوسيع رقعتها، وكذلك يعتني الروافض بالدعوة كثيرا وينفقون عليها الأموال لعلمهم أن في الدعوة الى مذهبهم مكاسب سياسية، أما سياسيونا من الأسلاميين فلا وجود للدعوة الحق مكان في برنامجهم السياسي.
الغزو الثقافي ليس جديدا
ومن الأمثلة على عدم كفاءة هؤلاء في معاينة الواقع ما تراه في كلامهم من كثرة الحديث عن الغزو الثقافي، والتذكير بمؤامرات (دنلوب وزويمر) اللذين لعبا دورا كبيرا في تبديل المناهج الدراسية الأسلامية في الدول العربية بمناهج علمانية.
التصوف وعلم الكلام من الغزو الثقافي
ولكن فات هؤلاء الكلام على حقيقة أهم منها وهي أن أمتنا قد تعرضت لأبشع غزو ثقافي منذ قرابة الألف ومئتي سنة حين دخل علم الكلام في أصل دينها ولم يتخلص المسلمون منه حتى اليوم، حتى صار علم الكلام هو المعنى المرادف لعلم التوحيد. ثم دخل التصوف الفلسفي اليوناني تحت ستار الزهد والتوكل والمحبة، فصرت إذا أردت تعلم اصول الدين وعلوم العقيدة فلا بد من تعلم علم الكلام، وإذا طلبت الزهد ومحبة الله لزمك تعلم علم التصوف. وعن طريقهما تسربت الى الأسلام آلاف البدع
وامتزج هذان المصدران الأجنبيان بمناهج التدريس ليس في كتب التعليم العادي فحسب، وإنما في الكليات والجامعات الأسلامية التي يتخرج منها المشايخ والدعاة. وتخرج غالب الدعاة على هذه المناهج المسمومة زصاروا يدافعون عما درسوه ويبررون هذا السم الذي تجرعوه، وصاروا يرمون المنكر عليهم بشتى الأتهامات حتى غلب هذا المنكر من بدع العقائد وبدع السلوك على هذه الأمة وصار المصلح يدخل الساجد ويحوقل مما يراه ويخاف إنكاره.
أردت بذلك بيان أن من لم يشخص الداء لن يمكنه وصف الدواء. ولكن أكثر الحركات الأسلامية لا تتحدث عن ضرورة تشخيص الداء الواقع بالأمة ولذلك لم يعطوا دواء حقيقيا وإنما وصفوا أدوية لا علاقة لها بنوع المرض الذي أصاب الأمة. وتوارث العلماء والعوام هذين المنهجين وانتشرت بدع العقائد والعبادات عبر علو الكلام وفلسفة التصوف.
فهذا غزو ثقافي لا يكاد يتحدث عنه من يدعون للخلافة بل يجهلونه ويجهلون أن السبب الأصلي في مصيبة هذه الأمة إنما هو من داخلها وليس من الخارج. ولكن للشيطان صوارف يعرف كيف يصرف الناس عنها وتنجح هذه الصوارف بقدر ما عند الناس من جهل ومن عاطفة متحررة من ضابط العلم والتقيد بقيد الشرع وضوابطه. وما لم يدندن المصلحون والدعاة حول هذه القضية فلن يستطيعوا التغيير وإنما الأصل الذي يجب أن ينطلقوا منه:
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بهم )
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم )
( قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير )
لماذا الكلام عن حزب التحرير
من فضل الله على هذه الأمة أنك لا تجد مخطئا أو ضالا أو مغاليا الا ويقيد الله له من يأمره وينهاه
ولقد صار لحزب التحرير علامة بها يعرف وهي الطعن في خبر الواحد وعذاب القبر ختى غدت هاتان المسألتان من أهم وأول ما يجب إعتقاده، بل صار جدلهم حول خبر الواحد وعذاب القبر يفوق كلامهم عن الخلافة التي هي قضيتهم الأم وشغلهم الشاغل.
وكان اللائق بهم الأبتعاد عن الخوض في هذه المسائل التي لا خبرة لهم بها بحكم انشغالهم بمسائل السياسة. لكنهم لم يفعلوا، بل أخذوا يثيرون الشبهات ويتهمون مخالفيهم بمخالفة الدين وظهروا للناس بأنهم أكثر إصلاحا وعلما من أهل الحديث
وقد راعيت في هذا البحث إثراء المسلم ببحث شامل عن خبر الواحد وعذاب القبر ينهي الشغب الذي أحدثه هؤلاء ويغد جامعا لكل بحث تطرق لهذه المسألة بما يساعد الباحث عن الحق حتى من أبناء الحزب على بلوغه في هاتين المسألتين وغيرهما.
ولأن أعضاء الحزب قد يجهلون أن رؤساء الحزب ومنظريه ينطلقون في هذه المسائل من منطلق المذهبين الأشعري والماتردي وهما مذهبان كلاميان ينطلقان من علم الجدل والكلام الذي اتفق أئمة أهل السنة على ذمه والتحذير منه.
مؤسس حزب التحرير
قبل الكلام عن الحزب نوجز ترجمة لمؤسسه:
وهو: تقي الدين النبهاني رحمه الله حفيد ليوسف بن اسماعيل النبهاني الذي كان أحد غلاة التصوف وصاحب الكتاب الضخم المشهور ( جامع كرامات الأولياء ) = [ الأعلام للزركلي 8/218].
ولد تقي الدين النبهاني سنة 1909 بقرية ( إجزم ) بقصاء حيفا. وحفظ القرآن ودرس الفقه على يد والده ابراهيم النبهاني.
والتحق بجامعة الأزهر ليحصل بعد ذلك على شهادة العالمية ثم عاد الى حيفا واشتغل بالتدريس.
ثم انتقل منها الى سلك القضاء حتى سنة 1948 حيث استقر في بيرمت ثم عاد الى الأردن وعمل في الكلية الأسلامية الى أن تفرغ بعد ذلك لأنشاء حزبه في الخمسينات متنقلا بين الأردن وسورية ولبنان لتوسيع قاعدة حزبه حتى توفي في لبنان بتاريخ 10/12/1977.
وله كتب عديدة منها ( رسالة العرب ) التي تظهر توجهه القومي حيث كان عضوا في كتلة القوميين العرب ويظهر أنها من أوائل ما كتب قبل مرحلة تأسيس الحزب ولست أدري إن كان قد صرح عن التراجع عن هذا الكتاب. ومنها كتاب (نظام الأسلام) و(نداء حار الى العالم الأسلامي) و(التكتل الحزبي) و(نظام الحكم في الأسلام) و(أسس النهضة) و(نظام الأسلام) و(الشخصية الأسلامية).
عقيدته
هو في عقيدته ماتردي أكثر منه أشعريا، وإن كان يرى أن كلاهما هم علماء التوحيد، وربما أشار الى بعض الخلافات التي حكاها بين الفرقتين حول التعليل والقدر. ولكنه بشكل عام يتبنى التأويل للصفات في مؤلفاته، مثال ذلك قوله في قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) (أي قدرة الله تعالى فوق قدرتهم)=[الشخصية الأسلامية 3/132، وانظر 3/374 ط:القدس 1953].
وهذا التأويل وغيره شهد أبو الأشاعرة (أبو الحسن الأشعري) وشارح الفقه الأكبر الشيخ ملا علي قاري أن تأويل اليد بالقدرة والأستواء بالأستيلاء وإنكار علو الله في السماء هو عين تأويل المعتزلة وقولهم ومذهبهم.=[مقالات الأسلاميين للأشعري 157، تبيين كذب المفتري لابن عساكر 150، الفقه الأكبر 33، وانطر كتاب شرح الأصول الخمسة 228، ومتشابه القرآن 231 كلاهما للقاضي عبد الجبار المعتزلي].
وكذلك يقلد الرازي في تمجيد العقل وتقديمه على الأدلة الشرعية. فيصرح بأن أدلة القرآن تبقى ظنية ولا تفيد اليقين إلا بشروط عشرة: منها عدم المعارض العقلي. بمعنى إذا عارض الدليل الشرعي العقل انقلب الدليل ظنيا ولو كان من القرآن والسنة. فخبر الآحاد ليس هو الدليل الظني عند القوم بل حتى الدليل المتواتر فإنه ظني ولو كان آية في القرآن حتى تتفق مع العقل!!
[الشخصية الأسلامية 3/158].
فالعقل مصدر للتلقي منفصل عن المصدر الشرعي والدليل على ذلك زعمه أنه يجوز عقلا عنده ما لا يجوز شرعا. فيجوز عقلا عنده أن يجمع الصحابة على خطأ يظنونه حقا.=[الشخصية الأسلامية 3/297]. وهذه العقلانية مخالفة للشرع فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (لا تجتمع امتي على ضلال). بل ويحرو التحريريون على الناس إيراد الأدلة من القرآن أو السنة على إثبات وجود الله وي}كدون على ذلك في كل مناسبة، وأنه يجب حصر الدليل بالأدلة العقلية فقط.
وقد كنت الاحظ تحير خصوم الحزب عند مناقشة التحريريين لأنهم لا يعرفون شيئا عن عقيدة الحزب ومؤسسه ولكن بعد البحث والتنقيب تأكد أنهم أشاعرة وماتردية وربما كانوا يميلون أكثر مع الماتردية فمؤسسهم من مؤولة الصفات ومثل هذا الموضوع أولى بالمناقشة معهم قبل الحديث عن خبر الواحد. وما خبر الواحد إلا واحدة من مسائل العقيدة التي يخالف فيها الأشاعرة والماتردية أهل السنة والجماعة.
ولقد جانب الصواب وكتم الحقيقة من زعم في الموسوعة الميسرة للعقائد والمذاهب أن عقيدة حزب التحرير لا تخرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة!!.=[الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 136].مع أن العقيدة الأشعرية والماتردية ضلالتان منتشرتان في أكثر العالم الأسلامي مخالفتان لأهل السنة في الصفات وكلام الله والقدر وغيرها فإنه لم يتكلم في موسوعته شيئا عنهما.
هل هو مجتهد مطلق؟
أتباعه يطلقون عليه هذا الوصف، ولكن ما عرفه مشايخ عصره بهذا الوصف. ولا تشهد له كتبه وآثاره بهذا الوصف فهو ليس من أهل الحديث ولا من المناظرين في الفقه والمدونين فيه. وكيف يثبت الحزب له صفة الأجتهاد وينفونها عن رسول الله؟ إذا كان الأجتهاد صفة مدح فليثبتوها من باب أولى الى النبي صلى الله عليه وسلم!!.
هذا وقد بدأ تقي الدين رحمه الله قبل فكرة إنشاء حزبه يتصل بجماعة الأخوان المسلمين وساعده التوجه التسييسي السائد عند الأخوان المسلمين على تبني فكرة إنشاء حزبه. ومن ثم أعلن عن حزبه الذي أدهش جماعة الأخوان وأغضبهم لأنهم رأوا ذلك خروجا عن نطاق الشرعية المتمثلة بهم وحدهم وتفريقا لوحدة المسلمين.=[الدعوة الأسلامية فريضة وجهاد 13-14
وقد قيل إن سبب هذا الأنسلاخ عن جماعة الأخوان المسلمين هو حكمه عليهم بأن برنامجهم قد فشل وأن عليهم أن يتيحوا الدور لغيرهم. فكان أول ظهور علني لهذا الأنسلاخ في محاضراته التي ألقاها بالقدس والتي قرر فيها أن الأمم لا تنهض بالأخلاق. فحدثت مشاجرات وخصوم أدت الى خروجه عنهم والتفرغ لبناء حزبه.
بداية نشأة حزب التحرير
نشأ حزب التحرير على الطريقة التي نشأ عليه غيره من التأصيل الحماسي العاطفي. وجعل مسألة عودة الخلافة الأسلامية شعارا بل عقيدة تطغى على العقيدة. وبنا برنامجا سياسيا زعم أنه يجب أن لا يزيد عن 13 سنة وبعدها يتسلم الخلافة.لكنه لم يراع بتاء المنهج على أساس تربوي أخلاقي وإنما على بنيان سياسي بحت. وكادت كتب الحزب تخلو من الدعوة الى الصدق والورع والتقوى والأخلاص، والتحذير من الشرك ووسائله ومداخله التي هي أكثر مواضيع القرآن، وتخلو من التحذير من أصناف المعاصي التي هي بدورها من أسباب فقدان الخلافة
قال الدكتور عبد الله النفيسي (ويبدو أن الحزب حدد مهمته فقط في نشر الأفكار دون تطبيقها، فتطبيق الأفكار موكول الى الدولة التي يزمع الحزب لاقامتها...من هنا لا يرى الحزب القيام بأي عمل من أعمال الدعوة الى الصلاة والصيام لأن ذلك –حسب الدوسية- من مهام الدولة الأسلامية التي لم تقم)=[الموجز في تقويم الفكر الحركي للتيارات الأسلامية ص4 (محاضرة ألقاها في مؤتمر الفكر الأسلامي والمستقبل الكويت 8/10/1993].
إن الحزب الآن معزول عن الناس الى درجة القطيعة، فانه لا يمتلك مرجعيات علمية يلتف من حولها الناس وإنما كل شؤون الدين معطلة مرهونة بقيام الخليفة واستعادة منصب الخليفة.
ولا تكاد تجد آثار السن على المنتمين للحزب فاذا سئلوا عن تخليهم عن مظاهر السن بادروك الى أن الشيء المهم الآن هو العمل لعودة الأسلام الى الحكم، وأنه لا مجال الآن للكلام عن محقرات السنن وقشور الأسلام.
ومادة القرآن والحديث قليلة وإذا وجد فالكثير منها ضعيف. وكتبهم يغلب عليها القواعد الأصولية والنظريات السياسية وتمجيد العقل ويلاحظ عليهم كثرة اهتمامهم بأصول الفقه بما يفوق اهتمامهم بأصول العقيدة.
واذا تكلموا في الدين مجدوا العقل وشككوا في نصوص الشريعة حتى قال أحد قاداتهم (كل نص شرعي فهو غير قطعي بل ظني الدلالة، وما من آية من آيات القرآن الا وقد اختلف في تفسيرها) ولما قيل له (أفي الله شك) سكت ولم يجب بشيء. =[شريط (مناقشة مع أفراخ المعتزلة) مناظرة جرت بين الشيخ ناصر الدين الألباني وبين وفد من حزب التحرير قدموا لمناقشته. ].
ولقد فشل الحزب في الدول الأسلامية وعجز عن أن يحقق أهدافه ولم يعد ثم أمل أن تقوم له قائمة بعد أن حدد مدة 13 سنة لأعادة الخلافة وفشل في إعادتها في المدة التي حددها. وكان أكد أن (استعادة الخلافة يحب أن لا تحتاج الى عشرات بل لابد أن ينتج حتما على يد نفس الجيل الذي يقوم به هذا التثقيف)=[الخلافة 158].
فطبيعة الحزب التعجلية وعدم ربط نظرياته حول الخلافة بالواقع الصعب سارع في رصده وكيل الضربات المتتالية له حتى تسبب في اقتياد زهرة الشباب المخلص إما الى السجن أو النفي أو القتل، وهي نتيجة كل عمل يتأسس على بنيان العاطفة والحماس المستقل عن الأنضباط بضابط الشرع والجرد من الصبر والتأني والحكمة. والآن يتخذ تحالفات مع طوائف تقف موقف العداء من السنة.
أضف الى أن الحزب يفتقر الى تطبيق النظريات والمبادئ الفكرية التي كان يدعو اليها مما أسهم في إنفضاض العديد من المنتمين اليه.
وظن حزب التحرير أنه يمكنه الوصول الى سدة الحكم عن طريق تغيير إنقلاب فكري وحدد الفترة بربع قرن على الأكثر ولكنه لم يحقق شيئا من ذلك فانسحب كثير من أعضائه، وعلما أنهم أضاعوا الوقت في أماني وفي وضع القوانين واصدار التعليمات لدولة غير موجودة.
بل قد شكك آخرون بأهداف الحزب وغاياته معتبرين أن قيامه كان مدبرا بغرض بلبلة أفكار المسلمين حيث أن النتائج النفسية المقصودة هي تدمير نفسية هؤلاء الذين يجتذبهم الحزب لفترة من الزمن ثم لا يلبث أن يلفظهم عناصر شوهاء معدومة الأنتاج مذبذبة التفكير صدمها الواقع المرير واحتارت بعد أن قام مبدأ حزبها عن البحث عن النتيجة والتساهل في المحافظة على أسباب ووسائل التمكين وهي إقامة الدين بتفاصيله ونشر العلم بالتعلم والتعليم. وتلقت التنكيل والتعذيب لأسباب لا تتصل بالأسباب التي اضطهد من أجلها السلف الأوائل.
الحزب يرشح نوابا عنه في البرلمان اللبناني
ولكن كانت هذه الطريق عندهم أبعد الطرق عن تحقيق الغاية. وكان الطريق الأقرب منه في نظرهم الدخول في برلمنات لا تحكم الأسلام ولا تعتبره
فقد رشح الحزب نائبا عنه في مجلس البرلمان اللبناني وهو الأستاذ علي فخر الدين ليصبح عضوا في محلس النواب اللبناني.
كذلك رشح الحزب الشيخ أحمد داعور (من قلقيلية بفلسطين وعالم من خريجي الأزهر) نائبا عنه في البرلمان الأردني في الخمسينات ثم ما لبث أن حكم عليه بالإعدام بعد الكشف عن محاولة الحزب الأستيلاء على النظام الحاكم.>>
وهذه الخطوة تتناقض ومبدأ الحزب في تحريمه لأي انخراط في الأنظمة التي لا تحكم بدين الأسلام. وغفل الحزب أن مصلحة إبقاء الأسلام عزيزا أعظم مطلبا من المصالح الإجتماعية التي يستخدمها بعض المتساقطين المتخاذلين مبررا لهم في الدخول الذليل بمظهرهم الأسلامي ولحاهم الى برلمنات والأنضواء تحت أنظمة لا تعترف بالأسلام ولا تقيم له وزنا.
هجرة الحزب الى بلاد الغرب
ثم قدر لهذا الحزب أن ينتقل بسلبياته ومنهجه المتعجل الى بلد غربي شغلته المادية المعاصرة عن التعصب الصليبي القديم حيث الحاجة الى بعث التعصب الصليبي القديم ليقابل البعث الأسلامي المتنامي في كل مكان، وتضليل الجالية المسلمة هناك والتي صارت جزءا من المجتمع الغربي.
فقد قدم هذا الحزب خدمات جلية لمن يريدون بعث هذا التعصب من حيث لا يريد، وصار تهوره وكلامه عن الخلافة مبررا لأقفال مصليات الطلبة في الجامعات وتحجيم نشاطهم والمنع من اقامة المحاضرات والدروس بحجة سد ذرائع الشغب الذي قام به أتباع الحزب في الجامعات البريطانية حيث وقعت عدة حوادث أسفر بعضها عن بعض حوادث القتل.
وهنا كمين شيطاني تسبب بالجمود في دعوة النصارى في بلاد النصارى بعد أن بقيت الفرصة الذهبية للدعوة سانحة قبل نشر الحديث عن الخلافة وتفاصيل المبادئ التي يديم الحزب النقاش حولها كمسألة الخلافة وخبر الواحد وعذاب القبر.
وقد أدى هذا التهور والشغب دوره واستغلته أجهزة الأعلام أسوأ استغلال حيث صدرت أصوات تنادي بين الصليبيين بإراقة دمهم بالسيف، وليس من الحكمة أن يسمع النصارى ضرورة قتلهم قبل أن يسمعوا دعوة التوحيد ممن طلب اللجوء اليهم للأمن من الأضطهاد الذي هرب منه في بلاده!!.
وهذا مخالف لحال السلف الذين هاجروا الى الحبشة ليأمنوا على أنفسهم من ظلم قريش واضطهادها. فأحسنوا جوار من أحسن مجاورتهم وآمنهم من الفزع والملاحقة. كما قالت أم سلمة (لما نزلت أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي، أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه).
ولك أن تتصور المسألة بافتراضها بشكل عكسي على النحو الآتي
لو أننا استقبلنا في بلادنا الأسلامية نصارى يدعون الى (الجهاد المقدس) وبعودة الحملات الصليبية بزعامة الكنيسة ضد الأسلام ولإراقة دم المسلمين كيف يستقبل الناس هذا الموقف؟!.
والأسلام دين عدل وأخلاق يدعو الى العدل والبر بكل بار لا فرق في ذلك بين المسلم وغيره كما قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسظوا إليهم إن الله يحب المقسطين).>>
إن الدور الذي لعبه الحزب كان له أثر سلبي في امتصاص طاقات الشباب المسلم المتطلع الى قيام الأسلام، وإهدار هذه الطاقات باشغالها في امور تصرفهم عما يمكن أن يقوموا به من الدعوة بين مجتمع لا يحرم الدعوة الى الأسلام، وتجعلهم يعيشون على أمل انتظار مجيء الخلافة بما يشبه انتظار الشيعة للمهدي المنتظر.
ثم المرحلة التي تلي ذلك إذا لم يتحقق الأمل: الأحباط وهي أخطر مرحلة تؤدي الى الشك في الحل الأسلامي.
هل لهذا الحزب طروحات عقدية؟
وليست للحزب أولويات عقدية واضحة ولا يطرح عقيدة محددة بل مطلب الخلافة هو العقيدة التي لها الأولوية على جميع جوانب العقيدة الأخرى، وكأن الله قال (وما خلقت الجن والأنس إلا لاقامة الخلافة) وكأنه قال (إن الله لا يغفر أن لا تكون خلافة ويغفر ما دون ذلك لكن يشاء).
وفاتهم أن منهج النبوة مخالف لذلك وأن أولويات هذا المنهج إنقاذ ما أمكن من الناس من النار وتبليغ الرسالة وإقامة الحجة سواء قامت الخلافة أم لم تقم. فكم من الأنبياء لم يمكن له وصبر على الدعوة وتبليغ الرسالة حتى مات. ومن الأنبياء من يأتي يوم القيامة وليس معه أحد
لكن شأن الدعوة مؤجل عند الحزب الى أن تقوم الخلافة.
وقد تكرر بكثرة تحذير الله من دعاء غيره أكثر من أي موضوع آخر واعتبره شركا ولم يكثر من الحديث عن أعداء المسلمين وتآمرهم عليهم. ومع ذلك لا يتحدث هذا الحزب حول هذا الشرك المنتشر بين الناس بل يتحالف مع من يخالفون هذا التحذير القرآني كالشيعة والصوفية
وكما أنه كان هناك غلاة في حب أهل البيت كالروافض وغلاة في الأذكار ومحبة الأنبياء والأولياء كالصوفية فكذلك هناك غلاة في موضوع الخلافة وموضوع الوحدة.
حتى صار الموضوعان عقيدة تنازلوا بسببها عن مبادئ عديدة، ووجدوا في حديث الشيعة عن ضرورة إقامة الدولة الأسلامية وضرورة توحيد المسلمين قاسما مشتركا فدعوا الى التقريب معهم وأثنوا على الخميني أولا لتأليفه كتابا عن الحكومة الأسلامية، مع أن موضوع كتاب الخميني يدور حول إقامة الدولة الشيعية الباطنية المرتقبة بقيادة المهدي المنتظر. ولم يكن يقصد حكومة من يسميهم بالنواصب!.
إن طروحات هذا الحزب أرضية تدعو الى التحرير ولكن: من أي شيء؟
إن كان المقصود تحريرهم من العقائد الباطلة فلماذا يغازلون أهلها كالروافض والبريلوية كما يفعل مندوب الحزب عمر بكري في بريطانيا؟؟
ولئن كان المقصود بالتحرير تحرير الأرض فليعتقدوا صحة حديث قتال اليهود في آخر الزمان فقد شكك عمر بكري التحريري في الحديث:>>
(لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود) وزعم أنه خبر آحاد (يصدق به)=[شريط الصيام 340]. أي لا يؤمن به لأن التصديق بالشيء حسب ما اصطلح عليه هو وحزبه مرتبة بين مرتبة الأيمان ومرتبة الكفر:بمعنى آخر منزلة بين المنزلتين.>>
حزب التحرير يعرض الخلافة على الخميني
ومن الأدلة على غياب العقيدة عند الحزب مسارعته الى مغازلة الخميني، وعرض البيعة له ليكون هو خليفة المسلمين مقابل استجابته لبعض الشروط.
وذهب وفد من الحزب الى لهذا الغرض وقابلوا الخميني وعرضوا عليه الخلافة ووعدهم خيرا، غير أنه تجاهلهم بعد ذلك ولم يرسل اليهم أي جواب مما اضطر الحزب الى إرسال رسالة اخرى يعاتبه فيها على هذا التجاهل عنوانها (نقد الدستور الأيراني) وقد اعترفت مجلة الخلافة التحريرية بذلك.=[العدد 18 تاريخ 4/8/1989 الصفحة الثانية.
وامتدحت مجلة (الوعي) التحريرية كتاب الخميني (الحكومة الأسلامية) الذي صرح فيه بأن الأئمة أفضل من الملآئكة المقربين والأنبياء المرسلين.=[الحكومة الأسلامية ص 52].
ولقد نقل ابن حجر الهيتمي عن العلماء تكفير من قال (الأئمة أفضل من الأنبياء)=[الإعلام بقواطع الأسلام ص 75 ط:دار الكتب العلمية].
أعظم شيء قام به الخميني في نظر الحزب
ولم يبالي الحزب بهذا الكفر والشرك لأن التحذير من الشرك ليس من أولويات عمله فان الأولوية للسياسة والخلافة فقال التحريريون:
( أهم عمل سياسي قام به الأمام الخميني هو تأليفه كتاب {الحكومة الأسلامية} وملاحقته هذا الأمر حتى ألف الحكومة نفسها... وقد أطلق الخميني شعار: لا شرقية ولا غربية بل اسلامية... وهذا لا يعني أن الخميني لم تكن له أخطاء ولكن ليس الآن وقتها)=[مجلة الوعي التحريرية عدد 26 السنة الثالثة ذو القعدة 1409 حزيران 1989].
ولكن إن لم يكن الوقت الآن مناسبا للتحدث عن أخطاء الشيعة في سب الصحابة واتهامهم بتحريف القرآن والردة عن الأسلام فمتى يحين؟؟.
لماذا عندهم متسع من الوقت للتحدث عن غيره من حكام المسلمين ولا وقت لديهم للتحدث عن هذا الرجل؟؟.
أليس هذا دليلا على غياب العقيدة عند هذا الحزب لجهله أن من عقائد الشيعة القول بتحريف القرآن والحج الى مقابر الأئمة والأستغاثة بهم من دمن الله وسب أصحاب رسول الله وأزواجه والغلو في الأئمة والقول بعصمتهم حتى فضلوهم على الأنبياء والملآئكة.
فهكذا يخون حزب التحرير الأمة بتسليم قيادتها الى الشيعة. وكأنها خولته التكلم باسمها. وهذا تجاهل بتاريخ الفاطميين الأسود الهدام في العالم الأسلامي حيث فعلوا بالمسلمين ما لم يفعله اليهود ولا النصارى.
فهو حزب سياسي بحت كغيره من الأحزاب الأخرى التي لا تنطلق منطلقا عقائديا له الأولوية على كل شيء وانما تنشئ قالبا سياسيا يجتمع عليه كل من وافق هذا القالب ولو كان فاطميا باطنيا شيعيا أو خارجيا.
ونحن إنما نقول هذا نصحا للأمة وتحذيرا لها ومنعا من الغش في الدين. وقد أوضح الأمام مسلم صاحب الصحيح أن من لم يكشف معايب الرواة كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين.=[مقدمة صحيح مسلم (1/28)].
فكيف بمداهنة ومنافقة أهل البدع وستر معايب من جعلوا دينهم سب الصحابة واتهامهم بتخريف القرآن ثم بعد ذلك يغض معظم الحركات الأسلامية الطرف عن ذلك ويمتدحون مذهبهم ورموزهم، ففتحي كان يصف الخميني بمجدد القرن العشرين وإذا ذكر إسمه قال (رضي الله عنه وأرضاه) والغنوشي يكتب إهداء كتابه الجديد لروح الخميني، وهذا والله إن هذا هو السقوط.
ولم يكن لحزب التحرير أن يتعاون مع الشيعة لو أنهم اتهموا النبهاني بتحريف القرآن بل لحرموا التعامل معهم.
وما نتوقع من الأخوان أن يتعاونوا مع الشيعة لو أنهم اتهما حسن البنا بتحريف القرآن، ولكن حزبية هؤلاء جعلت ولائهم لرؤساء أحزابهم أعظم من ولائهم للصحابة وغيرتهم على أعراضهم أن تنتهك!
غياب حديث الحركات الإسلامية عن سنن الله
والحزب لا يعالج الأسباب التي ضاعت بسببها الخلافة وفقد المسلمون أرضهم وشوكتهم. ولا يلتفت الى ظاهرة الأعراض عن الله في هذه الأمة وتفشي البدع والشرك ولا يلوم العصاة والمبدلين لسنة نبيهم ولا يربط سنن الله الشرعية بسننه الكونية انطلاقا من قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ومن هذا الفساد: الفساد الأعتقادي الذي تردى اليه المسلمون من انتشار البدع والشركيات والأضرحة التي ملأت المساجد.
وانما يريدون من الله أن يغير حالهم من غير أن يغيروا ما بأنفسهم وكأنهم يخافون المصارحة بتلك الحقيقة حتى لا ينفض الناس عن الحزب أو الجماعة لأن الأصل عندهم التجميع الجماهيري.
فهو حزب يقفز من مرحلة التكوين والاعداد التربوي الى الخلافة بينما يفتقد مرحلة التربية والعبادة وهو الهدف الذي تفرغ له النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشر سنة في بناء لبنة المجتمع الجديد، وكان يطبقه المهاجرون الأوائل أثناء وجودهم في الحبشة.
خطباء ما يطلبه المستمعون
فالله يقول (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) وخطباء العاطفة يقولون: كيدهم يضركم
يسترون بخطبهم السياسية تقصيرهم في تعلم الدين وتعليمه ويسترون جهلهم بإلهاب مشاعر العامة وعواطفهم ذات التأثير المؤقت ساعة من السنة ثم يتركونهم بعد ذلك غارقين في إعراض وانحراف هما سر تسلط العدو عليهم.
نعم إن العدو يمكر باليل والنهار ولكن: هذا المكر ليس جديدا، فقد كان ملك غسان يتابع أحوال المسلمين في المدينة وما أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقاطعة كعب بن مالك حتى أرسل اليه رسالة يعرض عليه فيها أن يلحق به حتى يواسيه ويكرمه.
فلم يختلف المكر ولكن اختلف حالنا فلم نعد نتصف بالصبر والتقوى فزالت حصانتنا من أذى عدونا ومكره بمعاصينا وزال ضمان الله برد مكرهم إن صبرنا واتقينا (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط) وكان علينا أن نعلم أنه اذا أضرنا مكرهم فقد أخللنا بشرط (وإن تصبروا وتتقوا) فلو كان الصبر والتقوى غالبين في الأمة لما ضرنا كيدهم.
دروس نبوية مهجورة لمن يعتبر!!
لقد بين النبي أن الأمة ستتعرض للمذلة والضعف لكنه بين أيضا السبيل والدواء المخلص من هذا الذل الواقع بالأمة.
روى البيهقي والحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
{لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها الا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم}.
وعن ابن عمر أن النبي صلىالله عليه وسلم قال:{إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تعودوا الى دينكم}.
أفاد الحديث أننا إن اجتنبنا ما حذر منه لن يقع الذل، وإلا فالذل مسبوق بذنب كما قال تعالى (ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) فلا يمكن أن نكون شاكرين مؤمنين ثم يسلط الله علينا عدونا وهو الذي وعدنا بالنصر إن نحن نصرناه!!.
وعن ثوبان قال قال رسول الله صلىالله عليه وسلم {يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة الى قصعتها. فقالوا:أمن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت}=[رواه أبو داود بسند صحيح].
فهذه صفة المسلمين اليوم فهم مع كثرتهم ليس لهم من الأيمان الصحيح ما يؤهلهم للسيادة فقد وقع فينا ما وقع ببني إسرائيل كما قال تعالى (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا) ، (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا). ولا تنتصر الأمة والغلبة للخبث كما قالت عائشة (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث). فما لم يتم تغليب نسبة الطيب في الأمة لن يتحقق النصر. فمن ظن أن ضعف الأمة وقوة عدوها اليوم وهوانها على الأمم الأخرى إنما حصل بدون سبب ارتكبه – فكأنه ادعى أن الله أخلف وعده دون سبب.
نمذج من قتال اليهود في سبيل الأرض
قال تعالى ألم ترى الى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليل منهم والله عليم بالظالمين وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم).
تبين تجاهل بني إسرائيل لسنن الله الكونية كسبب لإخراجهم من ديارهم.
أنهم تذكروا القتال في سبيل الله فقط عندما إخرجوا من ديارهم وأموالهم وقد قالوا لموسى من قبل: (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون). فعاقبهم الله بالتيه في الأرض. فمفهوم الجهاد عندهم لاستعادة الأرض. وليس لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى. فولاؤهم ووفاؤهمالأرض أعظم من ولائهم ووفائهم للدين. والمطلوب أن ينصرهم الله مهما فسد حالهم
إنهم اعترضوا على اصطفاء الله لطالوت واعتبروا أنهم أحق بالملك منه.
انهم لما كتب عليهم القتال تولوا لحرصهم على الدنيا. فهذا نموذج يوضح لنا أولوية القتال للأرض عند اليهود، وتقاعسهم عن العمل لهذا الدين. فلم يلتفتوا الى إصلاح حالهم الفاسد الذي هو سبب فقدان أرضهم وإنما التفتوا الى جهاد من أجل الأرض وتجاهلوا كل شيء غيره. وقد جعل الله قصص بني إسرائيل عبرة لنا حتى لا نقع فيما وقعوا فيه.
وصايا عمريا قيمة
وهذا عمر بن الخطاب كان دائم التحذير لجيشه عند الذهاب للقتال من المعاصي. لأنه كان يخاف على المسلمين من معاصيهم لا من عدوهم، فقد كتب الى سعد ومن معه من الجنود:
(أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وآمرك ومن معك أن تكونوا أكثر احتراسا من المعاصي منكم على عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم.
وإنما ينصر المسلمون بطاعتهم لله ومعصية عدوهم له، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهمالفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا، فرب قوم سلط عليهم قوم شر منهم، كما سلط المجوس على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم).
ومن هنا كان ((الأقتصار)) على تذكير المسلم بمخططات عدوه إلهاء له عن معرفة الداء الحقيقي الذي تسبب في نجاح مخططاته فإن الداء كامن فينا حين تركنا رسالة الله. ومهما حرصنا على الوعي السياسي لن يتغير ما دام حالنا مع الله سيئا (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده). وعليه فلا يمكن أن نجد حلا لمصيبتنا وذلتنا إلا بالدعوة للعودة لله.
الخليفة المؤمن بحاجة الى مجتمع مؤمن
مقارنة مفيدة بين فرعون وهرقل
وحتى لو وجد حاكم طيب يريد تحكيم الشريعة فلن يتسنى له الظهور بذلك إلا بوجود بيئة قابلة للأستجابة للله والرسول. هذا هرقل عظيم الروم دعا قومه الى مبايعة النبي صلى. الله عليه وسلم فحاصوا حيصة حمر الوحش، فلما رأى ذلك منهم خاف على ملكه فناداهم وقال (أردت من ذلك أن أختبر مدى ثباتكم على دينكم).
وفي المقابل نجد أن سبب تمكن فرعون من قومه (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين
ومن هنا يجب تهيئة الرعية للحاكم أو الخليفة المقبل فتقدم الدعوة الى الله على الدعوة الى فقه السياسة وترك الرعية بلا دعوة حتى يأتي الله أعلم متى يكون قدومه!
إن كشف مخططات العدو أمام عامة الناس على المنابر ليس إلا زيادة في توهينهم كما كان يقال للمؤمنين من قبل (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) فما هو الأثر الذي أحدثته تلك الخطب على المسلمين القليديين بعد تحذيرهم من مخططات العدو؟ هل غيرت اتجاهاتهم وأخضعت عندهم الخضوع المطلق لله؟
كم كانوا يخيفون الناس من الشيوعيين الذين انهاروا بين ليلة وضحاها. ولا أذكر حديثا واحدا يحكي أن رسول الله صلىالله عليه وسلم كان يقف على المنبر يحذر من مكر الأعداء ومخططاتهم. ومع ذلك فقد نصره الله.
وكان الأجدى الدعوة الى التمسك بالسنة. وتعليق القلوب بالله واليوم الآخر وتثبيت معنا التضحية والبذل في سبيل هذا الدين. وأن تقرر عندهم أن تسلط العدو علينا مان بسبب من أنفسنا.
همومهم تختلف عن هموم
النبي صلى الله عليه وسلم
لقد عقيدة التوحيد ثانوية عند هؤلاء لأن أهدافهم صارت أرضية فهم يتحدثون اليوم عن التعايش مع الفئات والفرق الأخرى والتوحيد مع الروافض والدفاع عن الأرض، كل هذا مع تغييب الحديث عن العقيدة.
ولم يكن هذا هم النبي الذي خرج من أرضه من أجل تبليغ الدعوة في مكان يستطيع أن يدعو فيه. بل كان همه إنقاذ من أمكن من البشر حتى أنه رفض عرض ملك الجبال أن يطبق على أهل مكة الأخشبين. فقال (بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده
وكان يعطي الرجل العطاء وغيره أحب إليه منه مخافة أن يكبه الله في النار.
وكان ابن مسعود يأتي نادي قريش ليسمعها وحي الله، فينهالون عليه ضربا.
ويوجد من يحتج بهذا الأثر وهو حجة عليهم، فإن باستطاعة الواحد منهم اليوم أن يبلغ القرآن في أماكن لا تعرف الأسلام وهي في نفس الوقت لا تمنع من التخدث عنه.
فنحن أمة لا تهتم فقط باسترجاع الأراضي المسلوبة. وإنما نهتم بخراف بني آدم الضالة الشاردة من الهندوس والبوذيين والنصارى واليهود وغيرهم أن يموتوا على ملل قبل دعوتهم ومن دون أن تقام الحجة عليهم. أما الأرض فالعاقبة فيها للمتقين (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين
طلب النصرة من الكفار
ومن علامات عدم تقيد الحزب بضوابط العقيدة تجويزه طلب النصرة ممن بيده السلطان ولو كان كافرا وجهله أن الكافر لن يعين على إقامة الخلافة وهو يعلم أن النصرة من أجل إقامة الخلافة، هذا جهل بطبيعة العدو ومكره.
قال النبهاني (يجوز الأستعانة بالكفار بوصفهم أفرادا وبشرط أن يكونوا تحت الراية الأسلامية بغض النظر عن كونهم ذميين أو غير ذميين سواء سواء كانوا من رعايا الدولة الأسلامية أم لم يكونوا).=[الشخصية ألسلامية 2/154].
ويجوز للكافر أن يكون عضوا في البرلمان الأسلامي وأن يكون رئيس الدائرة أو قائد الجيش في الدولة الأسلامية كافرا.=[نشرة أجوبة وأسئلة ربيع الثاني 1390هجري الموافق 5/6/1970].وجاء في الدوسة (ص62) ـ(والجهاد واجب تحت راية كل حاكم أيا كان) فهم يرون الجهاد تحته سواء أكان برا أم فاجرا، حكم بالأسلام أو حكم بأحكام الكفر، مخلصا للأمة أو عميلا لدولة كافرة. وجوز أن تدفع الدولة المسلمة الجزية للدولة الكافرة.=[كتاب نداء حار الى العالم الأسلامي 109].
وقد طلب الحزب النصرة من سوريا والعراق وهما عنده نظام كفر ولكنهما لم يستجيبا له. وطلب من العقيد معمر القذافي أن يسلمهم الحكم لإعلان الخلافة سنة (1978) وقد بلغ من الغفلة أن ظن إمكانية إقامة الخلافة بمساعدة أعدائه أو أن يستجيبوا له ويسلموه مقاليد الحكم وكرسي الرئاسة وبدائية كبيرة في التعامل مع الأحداث السياسية التي أخذت منهم مأخذها.
وهذا المبدأ مناقض لخطاباتهم الحارة ضد الغرب والأمبريالية الأمريكية، وغالب هذه الحركات إما أن تنتهي بالركود والسكوت أو تتخذ لها خطا معاكسا من المداهنة ةالمسايرة بعد تعرضها للضغوط والفتن ترغيبا وترهيبا، وأكثر هؤلاء لا يقدرون حقيقة كفر عدو المسلمين ومدى مكره بالرغم من ادعائهم إجادة السياسة وفقه الواقع.
وهذا ما جعل الدكتور عبد الله النفيسي يصف مبدأ طلب النصرة عند حزب التحرير بأنه (مفهوم بدائي جدا في العمل السياسي المعاصر). لأن هذا جهل بهذا الكافر وبموقفه من هذا الدين ومكره به.
وهم يسبون من الحكام من لم يكتب الكتاب الأخضر ولم يصرح بأن الأئمة أفضل من الأنبياء بينما يعرضون على القذافي والخميني أن يقيما دولة الخلافة، فقليلا من الأنصاف.
إن نصر هذه الأمة يختلف عن إنتصار الكفار على بعضهم البعض، إن نصرها نتعلق بطاعتها لربها وسيرها على صراطه المستقيم. فالنظر الى إصلاح الأمة من داخلها وتعبيد المسلمين لربهم وتعلقهم به رجاءا وخوفا ومحبة وخضوعا وتوكلا ونبذ آلهة التصوف وأولياء الدجل خطوة على طريق النصر، ويغنيها عن تحالفاتها المشبوهة ودخولها الذليل تحت ألوية الكفر وطلب النصرة من الكفار ليمنحوها الخلافة، وأتمنى أن يكون هؤلاء الكفار مغفلين ليمنحوها الخلافة، لكني لست أعتقدهم مغفلين لهذه الدرجة كما يعتقد سياسيونا.
ولقد رأينا شيئا من فقه هؤلاء السياسيين حين تهافتوا على من خدعهم ووضع عبارة (الله أكبر) فنسوا ما ارتكبه من مجازر بحق الدعوة والدعاة وغازلوه و(أوحي إليهم) أن شمس الخلافة بدأت تسطع من العراق!!!!.
وهذه الخدعة تنطلي على من أسسوا بنيانهم على أصول عاطفية وأولويات سياسية تتجاهل الضوابط الشرعية.
الغاية لا تبرر الوسيلة
قال الدكتور أحمد البغدادي الذي يثني عادة على الحزب (لقد فشل حزب التحرير في تحويل هذا الاسهام الفكري الى واقع ملموس مما اضطره في النهاية الى التشديد {على طلب النصرة} من أي جهة كانت لتحقيق المرحلة الأخيرة التي يحلم بها وهي الوصول الى السلطة، فكانت النتيجة المأساوية للعديد من المحاولات التي قام بها أعضاء الحزب في مصر وتونس. وبذلك أصبح وجود حزب التحرير في الساحة السياسية معادلا للأنتخار السياسي). ثم ذكر من أسباب ذلك أن الحزب من الأحزاب التي تنهج نهجا انقلابيا لا يعرف التدرج.=[حزب التحرير 40 دار قرطاس. الكويت 1994].
في الولاء والبراء
إن موالاة أهل البدع القائلين بتحريف القرآن وكفر الصحابة مخالف لدين الأسلام فكما أنهم يتغنون بالبراءة من الحكام بغير ما أنزل الله فليتبرؤا من أهل البدع برائتهم من غيرهم. فإن أهواء أهل البدع أخطر على الناس من ظلم الحاكم وكفره.
في القضاء والقدر
قال تقي الدين النبهاني (إن أهل السنة عندهم إحتيال على الألفاظ في هذه المسألة) أي القضاء والقدر.[الشخصية الأسلامية 1/54]. وكأنه يرى نفسه خارجا عن أهل السنة والجماعة. اللهم إلا أن يقصد الماتردية والأشاعرة فتسميتهم أهل سنة مه الأعتراف بتحايلهم فيه تناقض.
فإن المحققين من الأشاعرة كالجويني إعترفوا بانحراف المذهب الأشعري في القدر مما اضطره هو والباقلاني الى إجراء تعديل في مفهوم المذهب للقدر.
وقد زعم الحزب أن (مسألة القضاء والقدر لم تأت في الكتاب ولا في السنة بهذين اللفظين مقرونتين)=[الدوسية ص 18].
وهذا خطأ فقد قال النبي صلىالله عليه وسلم {أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس}.=[أخرجه الهيثمي في (مجمع الزوائد 5/6 وحسنه الحافظ في (فتح الباري 10/167 ].
في الأيمان بالعقل
قال الحزب (وقد بنى الأسلام العقيدة على العقل). وقالوا (لأن عقيدة الأسلام عقيدة عقلية وعقيدة سياسية).=[كتاب الأيمان ص68، حزب التحرير ص26 ].
فالعقل عند التحريريين أصل من أصول الدين لأن العبد يعرف ربه بالعقل.=[تعس عبد العقل].
ويناقض ذلك قول عمر بكري التحريري (أن التفرق حصل بين المسلمين لأنهم استخدموا عقولهم في أمور الغقيدة).=[تفسير المائدة 2/29,00].
وتمجيد العقل لوثة اعتزالية سبق اليها أضل خلق الله كالفلاسفة والمعتزلة حيث حملوا العقل ما لا يحتمل فخرجوا بعقولهم من المعقول والمنقول. واتخذوا عقولهم آلهة ونتج عن ذلك العبث بآيات الله وصفاته بغير علم ولا هدى.
في الأحكام اليومية
ولا يرى الحزب القيام بأي أعمال من دعوة الى صلاة أو صيام أو إقامة حد أو غيرها من الأحكام لأن هذه الأحكام في نظره لأن هذه الأحكام في نظره من خصوصيات الدولة الأسلامية بعد قيامها. وعندهم لاتقوم قائمة حتى يأتي الخليفة فقد قال عمر بكري (في غياب الخليفة لا يوجد شيء اسمه قضاء).=[شريط الصيام 25,].
في الأخلاق والروح والتعلم والتعليم
وينتقد الحزب الجمعيات الأسلامية التي جعلت الدعوة الى الأخلاق من منهجها ويقرر أن الأمم لا تنهض بالأخلاق وإنما بالعقائد وبالأفكار التي تحملها وبالأنظمة التي تطبقها.=[التكتل الحزبي 18].
ويصرح بأن (الدعوة الى الأخلاق الفاضلة لا يمكن أن تؤدي الى إصلاح المجتمع ولا الى إنهاض الأمة لأن إصلاح المجتمع إنما يحصل بإصلاح الأفكار... فالدعوة الى الأخلاق الفاضلة ليست دعوة لحل قضية المسلمين المصيرية)=[منهج حزب التحرير في التغيير 26-27]. وأنكر النبهاني – مؤسس الحزب – وجود أشواق روحية في الأنسان.=[نظام الأسلام 61، الفكر الأسلامي المعاصر 202]. وترتب على هذا الأنكار كما هو ملاحظ قسوة وجفاء في سلوك أعضاء الحزب، وافتقدوا السماحة واللين والقابلية للمناقشة والحوار.
ومن هنا كانت رموز تتسم الحزب بالجفاء والقسوة وتكرار المواضيع السياسية التي لم تستفد منها الروح ولم ترقق القلب بل زادته قسوة.
وهذا ما يفسر مواقف بعض أعضائه غير الحميدة مع الجماعات الأخرى، وتميزهم بالجدل، وهو الأمر الذي جعل الدكتور عبد الله النفيسي يقول بأن الحزب (يضمر عداء ثابت لكل التيارات الوطنية والقومية والأسلامية في الوطن العربي مما جعله حزبا معزولا ولا يتمتع بعلاقات سياسية جيدة مما حال دون تشكله ونضوجه في صيرورة شعبية).
وانحسر موضوع الروح عند الحزب الى موضوع فكري بحت حتى الأتباع النوافل والمأمورات: ظاهرها وباطنها. وضعفت صلتهم بالقرآن وتهاونوا بأمور الدين وانعدم طلب العلم وصار أمر الخلافة هو الأمل المنشود الذي علق كل شيء في أمور الدين والدنيا على وجوده.
الزيادة في الستر عندهم انهيار في الخلق
وحمل تقي الدين النبهاني على من يقولون بأن المرأة كلها عورة واعتبر ذلك انهيارا في الخلق، ورأى أنه لابد من اجتماع الرجل والمرأة، ولابد من تعاونهما للتبادل التجاري.=[النظام الأجتماعي في الأسلام ص 10 و128].
فهذه الزيادة في الستر عنده انهيار في الأخلاق. وهذا الأتهام فريد من نوعه فعادة ما يتهم من يقول أن المرأة كلها عورة بالتعصب أو التشدد أما أن يكون هذا القول انهيارا في الخلق فقةل لا أعتقد أن قد سبقه اليه أحد.
لا علاقة لهم بالوعظ والتعليم
ويحصر الحزب الزاوية التي ينطلق منها في الدعوة في الجانب السياسي فقط فيصرح بأن: (حزب التحرير هو تكتل سياسي وليس تكتلا للأعمال الخيرية...) قالوا (فعمل الحزب كله عمل سياسي وليس عمله تعليميا فهو ليس مدرسة كما أن عمله ليس وعظا وإرشادا بل هو عمل سياسي)=[منهج حزب التحرير في التغيير 28و31 ، كتاب حزب التحرير 25].
ومع ذلك فهم يحتجون بقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق