الشيخ الغزالي ينتقد حزب التحرير
في فكرتهم بالجهاد
وفي فكر الحزب بشكل عام
في فكرتهم بالجهاد
وفي فكر الحزب بشكل عام
هذا عالم جليل
لا القرضاوي ولا دمشقيه ولا غيره من العلماء
الذين تصفونهم انهم عملاء وماجورين
لنرى رأيه بحزب التحرير
لا القرضاوي ولا دمشقيه ولا غيره من العلماء
الذين تصفونهم انهم عملاء وماجورين
لنرى رأيه بحزب التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع يبين أن فكر ..
حزب التحرير..
هو متخلف ومنحرف عن فكر ..
أهل السنة والكتاب
حزب التحرير..
هو متخلف ومنحرف عن فكر ..
أهل السنة والكتاب
و طبعا هذا رأي الشيخ الغزالي في رده على دعاوى رجال (حزب التحرير) حول الجهاد،
وهم يلقنونها لأتباعهم صارمة كحد السيف،..
قاطعة كالبديهيات،.
لا يجوز التشكيك فيها أو المناقشة لها.
قاطعة كالبديهيات،.
لا يجوز التشكيك فيها أو المناقشة لها.
وهذا عيب هذه الأحزاب أو الجماعات المغلقة، التي تصب أفكارها في (قوالب جامدة) وتربي عليها أتباعها، وتمنعهم من النظر في غيرها، فيتلقنونها على أنها (حقائق مسلمة) ويتبنونها فكرا وشعورا وتطبيقا، ويظلون هكذا، حتى ينير الله سبحانه وتعالى بصائرهم بطريقة أو أخرى، ليتحرروا من الأسر الفكري، ويمتحنوا ما عندهم، ويقارنوه بما عند غيرهم، وينظروا في الأمر نظرة علمية موضوعية، وهنا قد يغيرون رأيهم، ويرجعون عما كانوا عليه.
وهذا ما فعلته الجماعة الإسلامية المصرية، حيث راجع عدد من أقطابها فكرهم القديم حول الجهاد، وناقشوه مناقشة حرة، وعدّلوا وحورّوا، وأعلنوا تراجعهم عن جوهره، في شجاعة محمودة، قل أن نجدها إلا عند المخلصين المنصفين.
رد الشيخ الغزالي على الشيخ النبهاني وحزب التحرير في كتابه (جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج).
وكان من مظاهر عجز الداخل هذه الأفكار الهائجة المائجة، التي يطلقها أناس من أبناء أمتنا –بل من المحسوبين على العمل الإسلامي، والحركة الإسلامية- يطلقون هذه الأفكار كالقذائف المدمرة، لا يبالون من أصابت من خلق الله.
رد الشيخ الغزالي على الشيخ النبهاني وحزب التحرير في كتابه (جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج).
وكان من مظاهر عجز الداخل هذه الأفكار الهائجة المائجة، التي يطلقها أناس من أبناء أمتنا –بل من المحسوبين على العمل الإسلامي، والحركة الإسلامية- يطلقون هذه الأفكار كالقذائف المدمرة، لا يبالون من أصابت من خلق الله.
تفنيد كلام بعض الكتاب المعاصرين
يقول الشيخ الغزالي رحمه الله يرد على هؤلاء الذين أسماهم في بعض ما كتب: (الأصدقاء الجهلة للإسلام) تحت عنوان: (أوهام سيئة):
قرأت لنفر منهم كلاما طويلا في أن الإسلام دين هجومي يضع خططه للحرب لا للسلم، وشعرت بالغيظ لتحريف الكلم عن موضعه من ناحية، ولتناول الوقائع دون أدنى وعي بملابساتها من ناحية أخرى.
قرأت لنفر منهم كلاما طويلا في أن الإسلام دين هجومي يضع خططه للحرب لا للسلم، وشعرت بالغيظ لتحريف الكلم عن موضعه من ناحية، ولتناول الوقائع دون أدنى وعي بملابساتها من ناحية أخرى.
خذ هذا المثال:
الأسباب التي دفعت إلى معركة مؤتة معروفة، ولعل كتّاب السيرة المحدثين، أقدر على تصوير هذه الأسباب من الكتاب القدامى، فقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- واحدا من رجاله بكتاب إلى أحد الأمراء الغساسنة يدعوه إلى الإسلام، وهؤلاء الأمراء كانوا موالين للروم، يدينون دينهم وينفذون سياستهم، وقد شعروا مع سادتهم بالقلق للدين الجديد وللنجاح الذي يلقاه، فماذا يصنعون؟ عمد الأمير الذي جاءه كتاب النبي إلى الكتاب فطوح به، وإلى حامله فقتله!! واستعد مع الرومان لمواجهة تبعات هذا الموقف الآثم...!
ماذا تفعله أي دولة تهان دعوتها ويقتل رجلها على هذا النحو؟ لا بد أن تقاتل! والقتال الذي فرضته الظروف صعب، فإن الرومان شدوا أزر الأمير القاتل بعشرات الألوف من جيشهم الكثيف.
وواجه الرجال الذين قاتلوا في (مؤتة) معركة قاسية، استشهد فيها القادة الثلاثة الذين التحموا مع الرومان وحلفائهم، واستطاع خالد بن الوليد أن ينسحب بالجيش، وأن يجنبه خسائر لا آخر لها.
ولست أؤرخ لهذه المعركة الآن، ولكني أعلق على ما قرأته في كتاب ظهر حديثا لأحد العلماء يذكر قصة مؤتة ويقول: إن المؤرخين يحاولون ذكر أسباب للقتال الذي وقع، ولا ضرورة لذكر هذه الأسباب! لماذا نعلل لكل حرب خاضها المسلمون؟ يكفي أن نعرف طبيعة الإسلام في التوسع (!) لنعرف سر القتال!!
الكاتب غفر الله له، نسي الرسالة الموجهة إلى العميل الروماني، ونسي مصرع صاحبها، ونسي أن الرومان – وموطنهم الأصلي أوربا- تدفقوا نحو مائة ألف إلى قلب الحجاز، ولم يجيئوا في نزهة صحراوية، وإنما جاءوا في مظاهرة عسكرية لضرب الدين الجديد، ومنع الدعوة من التسلل شمالي الجزيرة العربية، كل ذلك لم يلفت نظر المؤلف الأديب. إنما لفته إبراز الطبيعة التوسعية للإسلام!...
إن التوسع الإسلامي لا يعتمد على القتل، وحروب العدوان، إن العملة المتداولة في ميدان الدعوة الإسلامية هي الفكر الحر!!.
ومقاتلة الإسلام للرومان كانت أشرف قتال عرفته الدنيا؛ لأن الإمبراطورية العجوز استهلكت شعوبا كثيفة داخل سجونها قرونا طويلة.
وعندما نكتب سيرة نبينا بهذا الأسلوب، فماذا يبقى للمبشرين والمستشرقين؟
عندما تعرض الحق على الناس في بيئة جاهلة به، فلن يقول لك المستمعون: أهلا وسهلا! سيكون هناك مستغربون، وسيكون هناك رافضون! وربما آمن البعض على عجل، وربما قاوم بعضهم بضراوة، ولن تتحدد المواقف إلا بعد آماد طوال يصبر فيها الدعاة، يقابلون الهزء بالسكينة، والاستفزاز بالحلم.
كذلك كان الأنبياء على امتداد العصور، وكذلك كانت سيرة خاتمهم محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام- مع ما تميزت به رسالاتهم من وضوح وتجرد وإشراق.
أما اليوم فالدعوة مثقلة بما يضيرها أو يزهّد فيها.. هناك من يدعو إلى الشكل قبل الموضوع، وإلى النافلة قبل الفريضة، وإلى الحكم الفرعي قبل القاعدة الكلية، وإلى ما فيه خلاف قبل مالا خلاف فيه! ثم يدق طبول الحرب وهو صفر اليدين من سلاح يجدي، فإذا الغبار ينجلي عن هزيمة مضاعفة للحق، إنه انهزم مرتين، مرة في ميدان الدليل، ومرة في ميدان القتال!
وبهذا الفكر المعتل يكتب دعاة عن قيام الإسلام على السيف، واجتياحه للخصوم، ورغبته في الهجوم!
ويرجعون إلى الكتاب الكريم والسنة المطهرة، كي يحرفوا الكلم عن مواضعه، أو يقلبوا النصوص رأسا على عقب.
ماذا تفعله أي دولة تهان دعوتها ويقتل رجلها على هذا النحو؟ لا بد أن تقاتل! والقتال الذي فرضته الظروف صعب، فإن الرومان شدوا أزر الأمير القاتل بعشرات الألوف من جيشهم الكثيف.
وواجه الرجال الذين قاتلوا في (مؤتة) معركة قاسية، استشهد فيها القادة الثلاثة الذين التحموا مع الرومان وحلفائهم، واستطاع خالد بن الوليد أن ينسحب بالجيش، وأن يجنبه خسائر لا آخر لها.
ولست أؤرخ لهذه المعركة الآن، ولكني أعلق على ما قرأته في كتاب ظهر حديثا لأحد العلماء يذكر قصة مؤتة ويقول: إن المؤرخين يحاولون ذكر أسباب للقتال الذي وقع، ولا ضرورة لذكر هذه الأسباب! لماذا نعلل لكل حرب خاضها المسلمون؟ يكفي أن نعرف طبيعة الإسلام في التوسع (!) لنعرف سر القتال!!
الكاتب غفر الله له، نسي الرسالة الموجهة إلى العميل الروماني، ونسي مصرع صاحبها، ونسي أن الرومان – وموطنهم الأصلي أوربا- تدفقوا نحو مائة ألف إلى قلب الحجاز، ولم يجيئوا في نزهة صحراوية، وإنما جاءوا في مظاهرة عسكرية لضرب الدين الجديد، ومنع الدعوة من التسلل شمالي الجزيرة العربية، كل ذلك لم يلفت نظر المؤلف الأديب. إنما لفته إبراز الطبيعة التوسعية للإسلام!...
إن التوسع الإسلامي لا يعتمد على القتل، وحروب العدوان، إن العملة المتداولة في ميدان الدعوة الإسلامية هي الفكر الحر!!.
ومقاتلة الإسلام للرومان كانت أشرف قتال عرفته الدنيا؛ لأن الإمبراطورية العجوز استهلكت شعوبا كثيفة داخل سجونها قرونا طويلة.
وعندما نكتب سيرة نبينا بهذا الأسلوب، فماذا يبقى للمبشرين والمستشرقين؟
عندما تعرض الحق على الناس في بيئة جاهلة به، فلن يقول لك المستمعون: أهلا وسهلا! سيكون هناك مستغربون، وسيكون هناك رافضون! وربما آمن البعض على عجل، وربما قاوم بعضهم بضراوة، ولن تتحدد المواقف إلا بعد آماد طوال يصبر فيها الدعاة، يقابلون الهزء بالسكينة، والاستفزاز بالحلم.
كذلك كان الأنبياء على امتداد العصور، وكذلك كانت سيرة خاتمهم محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام- مع ما تميزت به رسالاتهم من وضوح وتجرد وإشراق.
أما اليوم فالدعوة مثقلة بما يضيرها أو يزهّد فيها.. هناك من يدعو إلى الشكل قبل الموضوع، وإلى النافلة قبل الفريضة، وإلى الحكم الفرعي قبل القاعدة الكلية، وإلى ما فيه خلاف قبل مالا خلاف فيه! ثم يدق طبول الحرب وهو صفر اليدين من سلاح يجدي، فإذا الغبار ينجلي عن هزيمة مضاعفة للحق، إنه انهزم مرتين، مرة في ميدان الدليل، ومرة في ميدان القتال!
وبهذا الفكر المعتل يكتب دعاة عن قيام الإسلام على السيف، واجتياحه للخصوم، ورغبته في الهجوم!
ويرجعون إلى الكتاب الكريم والسنة المطهرة، كي يحرفوا الكلم عن مواضعه، أو يقلبوا النصوص رأسا على عقب.
**
الرد على مقولة حزب التحرير
الرد على مقولة حزب التحرير
إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخرج من مكة هو ومن آمن به بعد ثلاث عشرة سنة حافلة بالآلام والأحزان.
ولم تهدأ عداوة قريش ضد الإسلام بعد الهجرة، بل وثبت على كل من شرح بالإسلام صدرًا من أهل مكة، فنكلت به، وكان دعاء المستضعفين والمفتونين: "ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا" (النساء: 75).
فهل يوصف قتال المسلمين لقريش بأنه حرب هجومية بعد هذه الأحداث الواضحة؟
ومعروف أن الرومان انتشروا في آسيا وأفريقيا كالجراد الذي يأتي على الأخضر واليابس. والاستعمار الروماني مقرون بالاستبداد والقسوة والكبرياء.
وقد احتضن النصرانية فشوهها، ومال بها نحو الوثنية، وطارد الكنائس الموحدة حتى أبادها، وعندما ظهر الإسلام اعترض طريقه، وضن عليه بحرية الحركة، ونازله شمالي الجزيرة ليقضي عليه!
فهل تصدِّي المسلمين للصلف الروماني وكسرهم الطوق الذي وضعوه يوصف بأنه حرب هجومية نشأت عن رغبة الإسلام في التوسع؟.. أي توسع!!؟ هل حق الدين الجديد في عرض نفسه على الناس كلهم، وإباؤه تكميم الأفواه وفتنة الضعاف، هو العيب الذي يوصف به ويلام عليه؟
ومع هذه المقررات البديهية، فإن رئيس حزب إسلامي يكتب في نشرة مطولة لأعضاء حزبه أن الإسلام يبدأ بالقتال ويرسم خطة الهجوم على مخالفيه.
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله: "إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام وفعله يدل دلالة واضحة على أن الجهاد هو بدء الكفار بالقتال، لإعلاء كلمة الله، ولنشر الإسلام" ويقول: "إن خروج الرسول إلى بدر لأخذ قافلة قريش هو خروج للقتال، هو مبادأة بالقتال، فقريش كانت دولة، ولم تكن قد اعتدت بعد على الرسول أو على المدينة حتى يدافع عنها، بل هو الذي بدأهم بالقتال"!
إن تصور الوقائع على هذا النحو أقرب إلى الهزل منه إلى الجد، ولا أدري كيف يستقيم في عقل إنسان أن المطرودين من ديارهم، المصادرين في عقيدتهم لم يتعرض لهم أحد بعدوان؟؟
ويمضى رئيس حزب التحرير الإسلامي فيقول: إن قيام النبي بإرسال الجيش إلى مؤتة لقتال الروم، وتوجهه إلى تبوك مقتربًا من حدود الروم، لمقاتلتهم ظاهر فيه كل الظهور أنه بدء بالمقاتلة"!!
وهذا الكلام من أغرب ما يقال، وعلى ضوء هذا المنطق المدهش يمكن وصف الحروب التي يقوم بها زنوج إفريقيا الجنوبية الآن بأنها حروب هجومية، ووصف المناوشات التي يقوم بها عرب فلسطين ضد دولة إسرائيل بأنها قتال هجومي!!
إن العقل الذي يلتقط صور الأحداث بهذا الإبتار والتقطيع والحكم العجول يجب الإعراض عنه.
ومن المؤسف أن يكون لهذا التفكير وجود بين الإسلاميين.
لا يحتاج الإسلام إلا إلى جو حُرّ كي ينتشر ويدخل الناس فيه أفواجا، ما دام العرض سليما، والعائق منفيّا.
ونحن لا نكره أحدًا على دين، ولا نقبل إيمان مكره، كما أننا نحتكم إلى العدل المطلق فيما ينشب بيننا وبين غيرنا من خلاف، ولا يميل بنا عن العدل حب ولا بغض.
ولو كانت دولتا الروم والفرس تقومان على مبادئ الحرية والعدالة وضمان الحقوق الإنسانية ما قامت بيننا وبينها حروب.
الذي وقع داخل الدولتين وخارجهما: أن الاستبداد السياسي حبس الجماهير وراء سياج حديدي بالغ القسوة، وأن جنون القوة أغرى الدولتين معًا بتكسير المصابيح التي حملها الإسلام، فكان القتال لا لنشر الإسلام، ولا لإكراه أحد على اعتناقه، بل لكي تسود الأوضاع الطبيعية.
بعدئذ: "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".
ولا يطلب الإسلام في الميدان العالمي أكثر من حريات مستقرة، وإذا عجز المسلمون في ميدان تكافؤ الفرص، وحرية الأخذ والرد، عن نشر دينهم، فلا أقدرهم الله ولا بارك فيهم!
إنني أعود إلى قومي فأسألهم: لقد أمركم الله أن تكونوا أمة دعوة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران: 104). فماذا صنعتم لتلبية هذا التكليف الإلهي؟ أين الأجهزة التي تنهض بهذا العبء النبيل؟
إن فن الدعوة يحتاج إلى ألوف من الأذكياء الأتقياء يأخذون طريقهم إلى الأفئدة والعقول بلباقة ورفق، فإذا اعترض السيف هؤلاء برز من جانبنا سيف يناوشه، ويعيده إلى غمده، ويترك الحكم للمنطق والأدب لا لغرائز السباع...
إن هذا هو اتجاه الوحي النازل علينا، وهو المفهوم من عشرات النصوص التي نتلوها.
ومن ثم فإنني أنظر باحتقار شديد إلى أشخاص عجزة في ميدان الدعوة، كسالى في سباق الخير، لا صياح لهم إلا: السيف السيف!! ولو قام السيف لكانوا أول ضحاياه!
لقد أصاب الإسلام ضرر شديد من الانحصار العقلي الذي سيطر على أولئك المتحدثين،
ومن التحريف الذي فرضوه على الأحداث،
فأمست قريش معتدى عليها في معركة بدر! وأمست الإمبراطورية الرومانية الاستعمارية معتدى عليها في مؤتة وتبوك!
وانتقل هذا الاضطراب الفكري إلى نصوص الكتاب والسنة، فإذا تيار من الفوضى يلغي باسم النسخ نحو 120 آية قرآنية، ويعوج بمفهوم آيات أخرى، ويخرج الإسلام للناس في صورة دميمة!.
نحن بتوفيق الله نتناول الموضوع كله بشيء من التفصيل، وأصارح بأني أتبع خُطا الراسخين في العلم، وأطيل التأمل فيما ينقل إلينا من أقوال ومذاهب.
إن كتبنا القديمة تجمع في القضية الواحدة ركاما من الآراء، فيه الصحيح وفيه الذي يحتمل الصحة، وفيه الباطل، وفيه السقيم، ويجيء ذوو النظرات السطحية فيقرءون هذا وذاك، وربما لم يعلق بأذهانهم إلا ما لا خير فيه.
وهذا الخلط المتباين
أساء إلى ثقافتنا الإسلامية،
وربما منح الحياة مرويات كان يجب أن توأد يوم ولدت! وقد سمعت البعض يرحب بهذه الحرية! ولكني عند التدبر والموازنة شعرت أن العملة المزيفة طردت العملة الصحيحة.
ولما كان الحكام المسلمون في أغلب العصور أفرادًا يغلب عليهم الجهل، فإن سلطاتهم الواسعة ساندت الأوهام والأخطاء، لا سيما في ميدان الدعوة.
إن المسلمين حملة رسالة عالمية بيقين! ونقل هذه الرسالة إلى الناس وظيفة شريفة.
وغياب الحكومات الإسلامية عن هذا النقل وضماناته وتبعاته أمر غير طبيعي، كما أن ربط هذا النقل بأهواء الحكام وأمجادهم الخاصة مرفوض.
وسأبدأ سردًا للآيات التي تضمنت سياسة الدعوة وجهادها، وردًّا للآراء التي وقف تنفيذها باسم النسخ.
ومن خلال السرد والرد معًا سيعرف القارئ المسلم أسلوب النفس الطويل الذي سلكه الإسلام في هداية أهل الأرض، واقتيادهم برفق إلى الصراط المستقيم... وعندئذ نعلم متى يلجأ المحرج إلى السيف وكيف يستخدمه.[3]
وقد كتب الشيخ رحمه الله فصلا رائعا في بيان الآيات التي زعم الزاعمون نسخها بآية السيف، وبيّن بالبرهان أنها محكمة غير منسوخة، وفسرها بعقله النير وبقلمه البليغ تفسيرا تنشرح له الصدور، وتطمئن به القلوب، وتقتنع به العقول، يتفق مع هداية القرآن، وهدْي النبوة، ومقاصد الإسلام. فليراجع هذا الفصل القيم كل من يريد أن يستزيد علما وهدى في فهم آيات الدعوة والجهاد، وما قيل فيها إنه منسوخ بغير بينة من الله ولا برهان.
ولم تهدأ عداوة قريش ضد الإسلام بعد الهجرة، بل وثبت على كل من شرح بالإسلام صدرًا من أهل مكة، فنكلت به، وكان دعاء المستضعفين والمفتونين: "ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا" (النساء: 75).
فهل يوصف قتال المسلمين لقريش بأنه حرب هجومية بعد هذه الأحداث الواضحة؟
ومعروف أن الرومان انتشروا في آسيا وأفريقيا كالجراد الذي يأتي على الأخضر واليابس. والاستعمار الروماني مقرون بالاستبداد والقسوة والكبرياء.
وقد احتضن النصرانية فشوهها، ومال بها نحو الوثنية، وطارد الكنائس الموحدة حتى أبادها، وعندما ظهر الإسلام اعترض طريقه، وضن عليه بحرية الحركة، ونازله شمالي الجزيرة ليقضي عليه!
فهل تصدِّي المسلمين للصلف الروماني وكسرهم الطوق الذي وضعوه يوصف بأنه حرب هجومية نشأت عن رغبة الإسلام في التوسع؟.. أي توسع!!؟ هل حق الدين الجديد في عرض نفسه على الناس كلهم، وإباؤه تكميم الأفواه وفتنة الضعاف، هو العيب الذي يوصف به ويلام عليه؟
ومع هذه المقررات البديهية، فإن رئيس حزب إسلامي يكتب في نشرة مطولة لأعضاء حزبه أن الإسلام يبدأ بالقتال ويرسم خطة الهجوم على مخالفيه.
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله: "إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام وفعله يدل دلالة واضحة على أن الجهاد هو بدء الكفار بالقتال، لإعلاء كلمة الله، ولنشر الإسلام" ويقول: "إن خروج الرسول إلى بدر لأخذ قافلة قريش هو خروج للقتال، هو مبادأة بالقتال، فقريش كانت دولة، ولم تكن قد اعتدت بعد على الرسول أو على المدينة حتى يدافع عنها، بل هو الذي بدأهم بالقتال"!
إن تصور الوقائع على هذا النحو أقرب إلى الهزل منه إلى الجد، ولا أدري كيف يستقيم في عقل إنسان أن المطرودين من ديارهم، المصادرين في عقيدتهم لم يتعرض لهم أحد بعدوان؟؟
ويمضى رئيس حزب التحرير الإسلامي فيقول: إن قيام النبي بإرسال الجيش إلى مؤتة لقتال الروم، وتوجهه إلى تبوك مقتربًا من حدود الروم، لمقاتلتهم ظاهر فيه كل الظهور أنه بدء بالمقاتلة"!!
وهذا الكلام من أغرب ما يقال، وعلى ضوء هذا المنطق المدهش يمكن وصف الحروب التي يقوم بها زنوج إفريقيا الجنوبية الآن بأنها حروب هجومية، ووصف المناوشات التي يقوم بها عرب فلسطين ضد دولة إسرائيل بأنها قتال هجومي!!
إن العقل الذي يلتقط صور الأحداث بهذا الإبتار والتقطيع والحكم العجول يجب الإعراض عنه.
ومن المؤسف أن يكون لهذا التفكير وجود بين الإسلاميين.
لا يحتاج الإسلام إلا إلى جو حُرّ كي ينتشر ويدخل الناس فيه أفواجا، ما دام العرض سليما، والعائق منفيّا.
ونحن لا نكره أحدًا على دين، ولا نقبل إيمان مكره، كما أننا نحتكم إلى العدل المطلق فيما ينشب بيننا وبين غيرنا من خلاف، ولا يميل بنا عن العدل حب ولا بغض.
ولو كانت دولتا الروم والفرس تقومان على مبادئ الحرية والعدالة وضمان الحقوق الإنسانية ما قامت بيننا وبينها حروب.
الذي وقع داخل الدولتين وخارجهما: أن الاستبداد السياسي حبس الجماهير وراء سياج حديدي بالغ القسوة، وأن جنون القوة أغرى الدولتين معًا بتكسير المصابيح التي حملها الإسلام، فكان القتال لا لنشر الإسلام، ولا لإكراه أحد على اعتناقه، بل لكي تسود الأوضاع الطبيعية.
بعدئذ: "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".
ولا يطلب الإسلام في الميدان العالمي أكثر من حريات مستقرة، وإذا عجز المسلمون في ميدان تكافؤ الفرص، وحرية الأخذ والرد، عن نشر دينهم، فلا أقدرهم الله ولا بارك فيهم!
إنني أعود إلى قومي فأسألهم: لقد أمركم الله أن تكونوا أمة دعوة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران: 104). فماذا صنعتم لتلبية هذا التكليف الإلهي؟ أين الأجهزة التي تنهض بهذا العبء النبيل؟
إن فن الدعوة يحتاج إلى ألوف من الأذكياء الأتقياء يأخذون طريقهم إلى الأفئدة والعقول بلباقة ورفق، فإذا اعترض السيف هؤلاء برز من جانبنا سيف يناوشه، ويعيده إلى غمده، ويترك الحكم للمنطق والأدب لا لغرائز السباع...
إن هذا هو اتجاه الوحي النازل علينا، وهو المفهوم من عشرات النصوص التي نتلوها.
ومن ثم فإنني أنظر باحتقار شديد إلى أشخاص عجزة في ميدان الدعوة، كسالى في سباق الخير، لا صياح لهم إلا: السيف السيف!! ولو قام السيف لكانوا أول ضحاياه!
لقد أصاب الإسلام ضرر شديد من الانحصار العقلي الذي سيطر على أولئك المتحدثين،
ومن التحريف الذي فرضوه على الأحداث،
فأمست قريش معتدى عليها في معركة بدر! وأمست الإمبراطورية الرومانية الاستعمارية معتدى عليها في مؤتة وتبوك!
وانتقل هذا الاضطراب الفكري إلى نصوص الكتاب والسنة، فإذا تيار من الفوضى يلغي باسم النسخ نحو 120 آية قرآنية، ويعوج بمفهوم آيات أخرى، ويخرج الإسلام للناس في صورة دميمة!.
نحن بتوفيق الله نتناول الموضوع كله بشيء من التفصيل، وأصارح بأني أتبع خُطا الراسخين في العلم، وأطيل التأمل فيما ينقل إلينا من أقوال ومذاهب.
إن كتبنا القديمة تجمع في القضية الواحدة ركاما من الآراء، فيه الصحيح وفيه الذي يحتمل الصحة، وفيه الباطل، وفيه السقيم، ويجيء ذوو النظرات السطحية فيقرءون هذا وذاك، وربما لم يعلق بأذهانهم إلا ما لا خير فيه.
وهذا الخلط المتباين
أساء إلى ثقافتنا الإسلامية،
وربما منح الحياة مرويات كان يجب أن توأد يوم ولدت! وقد سمعت البعض يرحب بهذه الحرية! ولكني عند التدبر والموازنة شعرت أن العملة المزيفة طردت العملة الصحيحة.
ولما كان الحكام المسلمون في أغلب العصور أفرادًا يغلب عليهم الجهل، فإن سلطاتهم الواسعة ساندت الأوهام والأخطاء، لا سيما في ميدان الدعوة.
إن المسلمين حملة رسالة عالمية بيقين! ونقل هذه الرسالة إلى الناس وظيفة شريفة.
وغياب الحكومات الإسلامية عن هذا النقل وضماناته وتبعاته أمر غير طبيعي، كما أن ربط هذا النقل بأهواء الحكام وأمجادهم الخاصة مرفوض.
وسأبدأ سردًا للآيات التي تضمنت سياسة الدعوة وجهادها، وردًّا للآراء التي وقف تنفيذها باسم النسخ.
ومن خلال السرد والرد معًا سيعرف القارئ المسلم أسلوب النفس الطويل الذي سلكه الإسلام في هداية أهل الأرض، واقتيادهم برفق إلى الصراط المستقيم... وعندئذ نعلم متى يلجأ المحرج إلى السيف وكيف يستخدمه.[3]
وقد كتب الشيخ رحمه الله فصلا رائعا في بيان الآيات التي زعم الزاعمون نسخها بآية السيف، وبيّن بالبرهان أنها محكمة غير منسوخة، وفسرها بعقله النير وبقلمه البليغ تفسيرا تنشرح له الصدور، وتطمئن به القلوب، وتقتنع به العقول، يتفق مع هداية القرآن، وهدْي النبوة، ومقاصد الإسلام. فليراجع هذا الفصل القيم كل من يريد أن يستزيد علما وهدى في فهم آيات الدعوة والجهاد، وما قيل فيها إنه منسوخ بغير بينة من الله ولا برهان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق