اسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يعافيني و اياكم
من شرور
الضالين والمضلين
اللهم امين
استغفر الله العظيم
علينا ان نفكر ونحلل من هو النبهاني
لاننا نعرف ان عدونا ماكر وخبيث
من الممكن ان زرع هذا الشخص ليعمل لصالح المحتلين ؟؟!!!
سوال...
على المختصين والمحللين ان يتتبعوا منشاء هذا الرجل
لان كل الدلائل تشير بافكاره وسلوكه وكتبه تخدم المحتلين
لسبب بسيط ان حزب التحرير
يهاجم كل انسان عربي مسلم ووصف بلاد المسلمين بلاد كفر والعياذ بالله
ماترك لا عالم ولا امير ولا رئيس ولا احزاب
لا اخوان ولا حماس ولا سلطه
الا نتعتهم خونه مؤجورين عملاء
وعليه ان هذا الحزب
بتاريخه الطويل منذ ستون عام
يستعمل مصطلح الخلافه ليتستر بالدين
وهو معول هدم واحباط لكل مسلم وعربي
ووجب التنبيه منه ومن افكاره ودوافعه وفضحها
ولا نشك ان اعضائه مسلمون صالحون لكن ضللوا
وانخدعوا بشعار الخلافه
والله الهادي
حزب التحرير:
قتال عصابة اليهود غير شرعي
___________________________________________
■ يعتمد الحزب في سياق اقامة الدولة مبدأ طلب النصرة من العشائر والجيش
■ تميزت رؤية التحريريين للجماعات الاسلامية بالعنف والسلبية
■ قطب: “دعوهم فسينتهون حيث بدأ الإخوان”
■ من صيغة يمين الانتماء..”اقسم بالله العظيم ان انفذ القرارات وان خالفت رأيي”!
■ المودودي: “لا تجادلوهم دعوهم للأيام يموتوا”
■ الطبيعة الاستبدادية في تركيبة قيادات “حزب التحرير” كانت من اسباب فشله
■ يتسم البناء الهيكلي للحزب بتراتبية صارمة تنسجم مع طبيعته السرية
بعد أن تناولنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة - والتي نشرت في العدد الماضي - مسار تشكل حزب التحرير، والحزب بين مفهومي الدولة والخلافة، وموقف الحزب من الديمقراطية والمسألة القومية، ومنهج التغيير، نتناول في هذه الحلقة الثانية والأخيرة مراحل قيام الدولة الإسلامية وفق فهم الحزب، وموقفه من الجماعات الإسلامية، والهيكل التنظيمي له، ومستقبله في ظل الانشقاقات والتصدعات التي ظهرت داخله، مع تفصيل أسباب هذه الانقسامات، وأبرز الأسماء التي انشقت عن الحزب.. وتاليا التفاصيل:
مراحل قيام الدولة
يرى حزب التحرير أن قيام الدولة الإسلامية يمر بثلاث مراحل، الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية. والثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام، حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة. وأما الثالثة: مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم.
وهذه المراحل تبدأ باجتماع “الفكرة العميقة، والطريقة الواضحة٬ والإنسان التقي” ومتى توافرت هذه العناصر الثلاثة، فإن الخلية الأولى التي تتكاثر إلى خلايا عديدة تكون الحلقة الأولى للحزب “قيادة الحزب”، ومتى وجدت الحلقة الأولى فقد نبتت الكتلة الحزبية كما يرى مؤسس الحزب “النبهاني”، وبهذا فإن الحزب يكون قد دخل مرحلة “نقطة الابتداء”، وتنحصر مهمته في هذه المرحلة بإيجاد أشخاص مثقفين بثقافة حزبية، فلا وجود للتكتل الصحيح إلا بعد أن ينخرط العضو بعد معالجته حزبياً، وذلك عن طريق إيجاد تناسق بين الفكر والشعور، بتثقيف العضو من جديد ثقافة مبدئية صحيحة، وصياغة العقل بتكوينه من جديد.
وفي هذه المرحلة يجب “اعتبار جميع أفراد الأمة سواء في أنهم خالون من كل ثقافة، والبدء بتثقيف من يريدون أن يكونوا أعضاء في الحزب بثقافته”، ويجب الحذر وعدم التسرع في هذه المرحلة لكونها مرحلة تثقيفية. وفي المرحلة الثانية، ينتقل الحزب من طور التثقيف إلى دور “التفاعل مع الأمة”، فإذا تم “الإحساس في المجتمع على المبدأ، تكون قد اجتازت الدعوة نقطة الابتداء، وصار لا بد لها أن تنتقل إلى نقطة الانطلاق، ويعتبر الحزب هذه المرحلة “دقيقة، والنجاح فيها دليل على صحة تكوين الحزب”، ويعمل الحزب في هذه المرحلة على تكوين وتشكيل “رأي عام” في الأمة، يؤيد الفكرة الاسلامية، ويجب على الكتلة الحزبية في هذه المرحلة أن تحرص على عدم القيام “بأي عمل من الأعمال الأخرى، ويجب أن تقتصر على الفكر والدعوة، غير أن الأفراد لا يمنعون من القيام بما يرغبون من أعمال خيرية، لكن الكتلة لا تقوم بها، لأن عملها “إقامة الدعوة”، وتنتهي هذه المرحلة متى أصبح المجتمع مهيئا لقبول الفكرة الإسلامية، “فالمكان الذي تؤثر الدعوة في مجتمعه، ولم تستطع أن توجد لنفسها أجواء، لا يصلح لأن يكون نقطة ارتكاز مهما كثر عدد الحاملين للمبدأ”. ونقطة الارتكاز هي “الدولة المستكملة عناصر الدولة وقوة الدعوة”، ويعتبر الحزب مرحلة نقطة الابتداء ونقطة الانطلاق شبيهة بالعهد المكي، الذي يمتنع فيه القيام بالجهاد وأي عمل عسكري. والانتقال إلى إقامة الدولة، وهي المرحلة التي يتم فيها أخذ الحكم في أي مكان يعمل فيه. وعند قيام الدولة فلا يوجد مكان للتدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، فالواجب يحتم على “قيادة الأمة القيام بالعمل الإصلاحي الانقلابي” و “تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً”.
ويرى النبهاني أن هذه الطريقة الانقلابية هي ما فعلها قادة الفتح الإسلامي دون إبطاء أو تدرج. وهي الطريقة الشرعية التي يجب على الحركات الإسلامية أن تتبعها، في نهجها وحركتها.
وقد تحول الحزب في فترة لاحقة إلى مبدأ جديد في إقامة الدولة، يستند إلى “طلب النصرة” اقتداءًً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما حدث مع الأنصار في يثرب، عند إقامة الدولة الإسلامية في المدينة، حيث يعمد الحزب في هذه المرحلة إلى طلب النصرة من الأشخاص الذين يشكلون مراكز قوى في المجتمع، وأهل الحل والعقد من المسلمين، حتى تقوم دولة الخلافة في الأرض، وقد ركَّز الحزب على طلب النصرة من الرؤساء والعشائر، والجيش كقوى مؤثرة ضاغطة، إلا أن جميع محاولات الحزب باءت بالفشل.
موقف الحزب من الجماعات الإسلامية
تميزت رؤية الحزب للجماعات الإسلامية بالعنف والسلبية، فقد دأب الحزب في كتبه ونشراته، على مهاجمة التيارات الإسلامية المختلفة باعتبارها مخالفة للطريقة النبوية في إقامة الدولة الإسلامية، وارتهانها لرؤى ومقولات خيالية، تولي الجوانب الأخلاقية والقتالية أهمية في قيام الخلافة، وقد انعكست رؤية الحركات والجماعات الإسلامية لحزب التحرير بنفس القدر من العنف والسلبية، وشنت الجماعات الإسلامية حملات نقد قاسية للحزب، فالإخوان المسلمون، هددوا بفصل أي عضو يتصل بحزب التحرير، ومع بداية تأسيس الحزب استدعى الإخوان في الأردن بعض قيادات الجماعة في مصر لمواجهة حزب التحرير، وكان من هؤلاء الشيخ سعيد رمضان صهر مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، الذي حارب أفكار الحزب بشدة.
ويروى أن سيد قطب نصح الإخوان بإهمال حزب التحرير بقوله: “دعوهم فسينتهون من حيث بدأ الإخوان”. كما نصح الشيخ أبو الأعلى المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان الإخوان بإهمالهم قائلا: “لا تجادلوهم دعوهم للأيام يموتوا”. أما الشيخ محمد الحامد من سوريا فقد قام بمهاجمة حزب التحرير في خطبه المنبرية، وقام الشيخ علي الطنطاوي بمهاجمة الحزب في مجلة الإخوان “المسلمون”، التي كان يصدرها سعيد رمضان حيث كتب في أحد المقالات ساخراً من حزب التحرير، بقوله: “لا يدعو إلى شيء إلا أن تنزل الدولة الإسلامية من السماء كأنها المائدة، وتفتح الطبق فنجد طبخة جاهزة لنأكل منها”. وشارك الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في انتقاد الحزب عن طريق مقالات في مجلة “حضارة الإسلام” المقربة من الإخوان المسلمين، حيث هاجم الحزب وحذر من “دسائس في منتهى الخطورة والأهمية في بعض كتبهم”، واتهم النبهاني بالاتصال بالسفارة البريطانية في لبنان.
ولعل الهجوم الأكبر من قبل الإخوان جاء على لسان الشيخ عبد الله عزام الذي انتقد نهج الحزب وتمسكه بالمسألة الفكرية وإهماله للجانب العملي، فقد جعل هذا المسلك “نشاط الحزب جدلياً باردا، وأقحم نفسه في جدل لا أول له ولا آخر، ولم يحدث في واقع الناس أثراً يذكر... نظرا لجفاف أرواح أعضائه، وإيثارهم الجدل والكلام عن النواحي العملية”، وينتقد عزام الحزب ونهجه في طلب النصرة، وبعض المسائل الفقهية كجواز عضوية المرأة، وغير المسلم في مجالس الشورى، وإباحة تقبيل المرأة الأجنبية ومصافحتها وغيرها من المسائل التفصيلية. وكذلك إنكار حجية خير الآحاد في مسائل العقيدة، وما يترتب على ذلك من إنكار عذاب القبر، وظهور المسيح الدجال.
وممن انتقد الحزب الشيخ محمد الغزالي في أكثر من مسألة، ومنها: قول الحزب ان “الجهاد في الإسلام حرب هجومية وليست دفاعية”، واعتبر أن هذا الرأي لا يحتمل القبول. أما غازي التوبة فقد خصص فصلا من كتابه “الفكر الإسلامي المعاصر لانتقاد حزب التحرير، والشيخ تقي الدين النبهاني، واتهمه بالانحراف الفكري بسبب غلوه في رفع مكانة الأفكار وقيمتها في تغيير الأفراد والمجتمعات، وقصر مفهوم النهضة على الارتفاع الفكري والقول ان سبب انهيار دولة الإسلام إنما كان نتيجة للانحطاط الفكري، ويرى التوبة أن سبب “التضخم الفكري”، هو أن “فهم الحزب للإنسان لم يتطابق مع تصور الإسلام للإنسان، وفي أن فهمه للروح كان خاطئاً. ويرى محمد الحسن أن الحزب وقع في فهم خاطئ للتربية والثقافة أدى إلى نتائج سلبية كالتساهل بأخلاقيات وعبادة المنتسبين للحزب، ودخول الحزب في جدل مستمر على كافة المستويات، وفي كل المناسبات حيث أقحموا الجميع في نقاش يتسم بالجدل الممقوت، كما أن الاهتمام بالعمل السياسي أدى إلى تصديهم للأنظمة قبل التركيز على تربية الأفراد، وكذلك هجومهم المستمر على الحركات والشخصيات الإسلامية، ويذكر الحسن عدداً من المسائل الفقهية كالتي سبق أن ذكرها الشيخ عبد الله عزام.
موقف التيار السلفي من الحزب
وتلقى حزب التحرير نقداً لاذعاً من التيار السلفي؛ فالشيخ ناصر الدين الألباني يصف الحزب بأنه لا يقوم على الكتاب والسنة، ويعتبر أن “هذا التحزب وهذا التكتل الذي طرأ على الجماعة الإسلامية اليوم هو توسيع لدائرة التفرق الذي ورثناه خلفاً عن سلف”، وينتقد الألباني حزب التحرير بتعظيمه الاعتماد على العقل تأثراً بالمعتزلة، ومن هنا جاء القول بعدم الأخذ بخبر الآحاد، وما يترتب عليه من إنكار لعذاب القبر.
ويصف الشيخ عبد الرحمن دمشقية حزب التحرير بأقذع الأوصاف، إذ صنف كتاباً في الرد على الحزب، وذكر عدداً من المسائل التي وقع فيها الحزب في مجال العقيدة والفقه، ومن أهمها مسألة خبر الواحد وإنكار حجيته، ومسألة عذاب القبر، ونفى دمشقية عن الشيخ النبهاني كونه مجتهداً، وأخذ عليه إهمال الحزب للسنن الإلهية في قيام الدول، وتعظيم الحزب للعقل، وإهماله للمسألة الأخلاقية والتربوية، فضلاً عن المسائل الفقهية التفصيلية كإباحة تقبيل الأجنبية ومصافحتها وغيرها من المسائل.
أما الحركات السلفية الجهادية فعلى الرغم من اتفاقها مع الحزب على اعتبار العالم الإسلامي الآن هو دار كفر، والاعتقاد المشترك في كفر الأنظمة المعاصرة الحاكمة، وكفر الأنظمة الديمقراطية، فقد وجهت نقداً عنيفاً لا مثيل له لطريقة الحزب ومنهجه وعقيدته، فقد كتب أبو بصير رسالة ينتقد الحزب بعنوان “حزب التحرير وسياسة تسمين الخراف”، إذ يقول: “مما يؤخذ على حزب التحرير انتهاجه وأتباعه في توجهه ودعوته وتربيته لشباب الأمة سياسة ومنهج تسمين الخراف، حتى إذا ما سمنت ونضجت وطاب عطاؤها قربها بثمن بخس - بل وبلا ثمن - لتذبح طواعية، وبكل استسلام ومن دون أدنى مقاومة، في مقاصل الذبح على أيدي قساة وجلاوزة جزارين”، ويقول في مواضع أخرى : “انهم عبارة عن أداة دفعتهم الأنظمة العميلة.. فحزب التحرير لم يكتف بالقعود ودور المتفرج على حرمات المسلمين وهي تنتهك.. بل تجاوز ذلك ليطعن بالمجاهدين”، ويهاجم أبو بصير حزب التحرير لتعطيله فريضة الجهاد التي تعتبر جوهر الأيديولوجية السلفية الجهادية في إقامة الدولة الإسلامية، وطريقة ومنهج التغيير، فيقول: “أعضاء حزب التحرير، تراهم يعملون كقضاة في المحاكم الشرعية الوضعية التي تحكم بقوانين الطاغوت.. وسر ذلك كله أن حزب التحرير لا يرى شرعية ولا جواز جهاد وقتال عصابة اليهود.. فهم من هذا الجانب مرضي عنهم؛ لأنهم يؤدون الرسالة عن قصد أو غير قصد.
كما ينتقد منهج الحزب في طلب النصرة، وتقديم العقل على النقل، وترك الأخذ بخبر الآحاد وغيرها من المسائل. وفي هذا السياق ينتقد أبو قتادة منهج الحزب وعقيدته ويخلص إلى القول: “إن فهم الإيمان والتوحيد عند الحزب ليس هو الفهم السني، بل هو أقرب ما يكون إلى إفرازات الأشاعرة (المرجئة) حيث يجعل التوحيد عقيدة عقلية، ويجعل جهاد الكتلة المؤمنة كفاحاً سياسياً”.
ويمكن القول إن العلاقة بين حزب التحرير والجماعات الإسلامية تتسم بالعداء المتبادل والاتهامات والعنف الخطابي، وتوجد قطيعة بين الطرفين مبنية على الشك وانتفاء الحوار، يؤشر على ضعف البنية الفكرية التواصلية القائمة على أسس الحوار والاختلاف، فمعظم هذه الجماعات ترى في نفسها الفرقة الناجية والطائفة المنورة التي يجب على الآخرين الانضمام لها وتكثير سوادها.
الهيكل التنظيمي لـ “حزب التحرير”
يتسم البناء الهيكلي للحزب بتراتبية صارمة تنسجم مع طبيعته السرية، بسبب تبنيه نهجاً انقلابياً، وعدائه للأنظمة الحاكمة، وما هو معروف عن الحزب أنه يشرف عليه في كل دولة يعمل بها لجنة مكونة من عدة أشخاص من أعضاء الحزب تسمى “لجنة الولاية” كما أن هناك لجانا أخرى تشرف كل منها على مدينة معينة أو منطقة محددة تسمى “اللجنة المحلية” ويتم أحياناً تكليف شخص واحد من الحزب بمسؤولية الإشراف على الحزب في مدينة ما، أو مكان معين يسمى “المعتمد”، وتعتبر “لجنة القيادة” هي أعلى الهرم ويترأسها رئيس الحزب. وللحزب قانون إداري يبين الأمور الإدارية للحزب ولجانه ومسؤولية كل منها، كما يتضمن بيان العقوبات التي يتخذها الحزب بحق أعضائه إذا ارتكب أي منهم مخالفة شرعية أو حزبية، بالإضافة إلى بيان نظام الحلقات والإعداد لها، وتحديد واجبات المشرفين عليها. وغير ذلك من الأمور الإدارية المتعلقة بسير الحزب وإدارته بشكل عام.
ويصبح الشخص عضواً في الحزب بعد أداء قسم خاص بعد أن يكون قد أظهر نضجاً في الثقافة الحزبية، وصيغة القسم هي: “أقسم بالله العظيم أن أكون حارساً أميناً للإسلام، متبنياً آراء حزب التحرير هذا، مؤمناً بفكرته، واثقاً بقيادته، منفذاً قراراته وإن خالفت رأيي”، وتقتصر موارد الحزب المالية على الهبات من الأعضاء، ومن بيع الكتب التي ينشرها الحزب، ولا تفرض على أعضائها رسماً معيناً ملزماً.
انشقاقات وتصدعات
تعرض حزب التحرير منذ تأسيسه حتى الآن إلى تشققات وتصدعات عدة، إلا أنها لم تسفر عن انتهائه وإن كانت أضعفته بشكل كبير، ولعل أول انشقاق حدث كان مع بعض الرموز التاريخية المؤسسة للحزب، فلجنة القيادة التي تشكلت عقب رفض الحكومة الأردنية منح ترخيص للحزب عام 1953، من الشيخ النبهاني رئيساً والسيدين داود حمدان ونمر المصري كعضوين لم تعمّر طويلاً، فقد نشبت الخلافات بين النبهاني وحمدان والمصري، بسبب الاعتراض على إدخال سورية في الولايات التي يعمل فيها الحزب، لكي يكون ملجئاً آمناً لمن يتعرض للملاحقة في بقية البلدان، ويتهم الشيخ أحمد الداعور الرجلين بأن لهما مصالح وأعمالا دفعتهما إلى هذا الموقف.
أما الأستاذ غانم عبده فقد عزا خروجهما بسبب رغبة في الأمن والسلامة عقب ملاحقة أعضاء الحزب، وقد عين الشيخ النبهاني بدلاً منهما الشيخين أحمد الداعور وعبد القديم زلوم.
انسحاب “غانم عبده”
وفي عام 1965 ترك صفوف الحزب الأستاذ غانم عبده أحد المؤسسين وكان من المقربين من الشيخ النبهاني، وجاء تركه للحزب بسبب خلافات في الرأي حول بعض المسائل، من أهمها: مسألة طلب النصرة، وخوض الانتخابات البرلمانية، فقد رأى عبده أنه يوجد أهل حلٍٍٍ وعقدٍ تحققت فيهم شروط الإسلام اعتقاداً وفهماً والتزاماً، أما النبهاني والحزب فقد أصرَّا على مبدأ طلب النصرة من القادرين، ولو كانوا كفاراً، أما مسألة خوض الانتخابات، فيرى عبده أن فكرة الانتخابات مخالفة للشريعة لأن دخولها يعني قبول الدستور الذي يناقض الشريعة، وقد حاول عبده في مطلع التسعينات من القرن المنصرم تشكيل جماعة أطلق عليها اسم “حابا” إلا أنه لم يكتب لها النجاح والاستمرار، فقد حملت بياناتها الأولى ميلاً واضحا إلى تيار السلفية الجهادية.
انسحاب عبد العزيز الخياط
وانسحب من الحزب الشيخ عبد العزيز الخياط أحد أوائل المؤسسين الذين ساهموا في بناء الحزب، وتسلم فيما بعد حقيبة وزارة الأوقاف في الأردن في خمس حكومات متتالية من 1973 إلى 1989، بسبب محاولته التقريب بين الحزب والأخوان المسلمين، فهو يقول: “كان محور عملي يدور حول تجديد العمل والأسلوب والأهداف والنظرة من خلال حركة الإخوان المسلمين، وعدم إيجاد حزب إسلامي جديد لكي لا تتبعثر جهود العاملين، وكادت جهودي تنجح لولا أن أفسد ذلك الدكتور محمد سعيد رمضان”.
وتسبب موقف الحزب من القضية الفلسطينية بحدوث عدد من الانشقاقات والتصدعات إذ يرى الحزب أن حل القضية الفلسطينية يكون “برفض الاتفاقيات جملة وتفصيلاً والحيلولة دون عقد اتفاقيات أخرى مع اليهود، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل الجاد لإقامة الخلافة ومبايعة خليفة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله حتى يضع الإسلام موضع التنفيذ والتطبيق، وحتى يعلن الجهاد على اليهود ليستأصل شأفتهم”.
انسحاب أسعد التميمي
كما أدت رؤية حزب التحرير القاضية بتأجيل الجهاد حتى وجود الخليفة إلى خروج الشيخ أسعد بيوض التميمي أحد قدماء الحزب، والإعلان عن تأسيسه حركة الجهاد (كتائب بيت المقدس). وفي نفس السياق أسس الدكتور صالح سريَّة حركة تنظيم “الفنية العسكرية” في مصر عام 1974، أسفر عن محاولة انقلاب فاشلة انتهت بإعدامه.
ولذلك فإن رؤية الحزب للقضية الفلسطينية أضعفت من نفوذ الحزب وأثرت على مسيرته، فالعقيدة الانقلابية السياسية التي أخذ بها حزب التحرير تقوم أساساً على الإطاحة بأية حكومة عربية بهدف تهيئة دولة إسلامية كقاعدة تمكن من تنصيب خليفة يعلن الجهاد، ولهذا فقد امتنع الحزب منذ تأسيسه عن ممارسة المقاومة والكفاح المسلح حيث يرى الحزب أنها لا تجدي.
انشقاقات في لبنان وأوروبا وآسيا
وتعرض الحزب لعدة انشقاقات في فروعه المختلفة في لبنان وأوروبا وآسيا الوسطى، وربما تكون أفكار حزب التحرير غريبة بعض الشيء عن تراث آسيا الوسطى ومع ذلك فقد شهد الحزب تأسيس فرع له عمل بقوة في أوزبكستان، عقب سقوط الاتحاد السوفييتي، إلا أن الحزب تعرض لمنافسة شديدة من قبل جماعات ذات طابع سلفي جهادي، من أبرزها “حركة تركستان المجاهدة” التي عملت في سائر أقطار آسيا الوسطى كتركستان، وأوزبكستان، وطاجكستان، وقرغيزستان، وتعرضت هذه الحركات لضغوطات شديدة وانتهى بها الأمر في أفغانستان، حيث تبنت حركة طالبان هذه الحركة التي تزعمها “طاهر يلدتشيف” و “جمعة نمنغاني”، وأصبح حزب التحرير يعمل بشكل رمزي بعد أن تعرض لانشقاق كبير عن طريق الحركة الإكرامية بزعامة “أكرم يلدتشيف” الذي تحول من نهج حزب التحرير التقليدي، إلى السلفية الجهادية، وتبنى منهجاً انقلابيا عسكرياً يرتكز إلى التغيير عن طريق القوة والجهاد، ولا يزال حزب التحرير يعمل رغم الصعوبات والضغوطات الأمنية ويتركز عمله في أوزبكستان، إلا أن وجوده لا يتمتع بقبول بعد انشقاق الحركة الإكرامية، فقد تحول معظم أعضائه إلى التيارات السلفية الجهادية، وتعتبر تجربة الحزب في آسيا الوسطى فريدة من نوعها من حيث التحولات السريعة التي طالت البنية النظرية والعملية للحزب.
وفي أوروبا تعرض الحزب لانشقاقات عدة من أبرزها جماعة عبد الرحمن المالكي، وبنية الحزب في ألمانيا فقد أصدر أعضاء الحزب في أوروبا بياناً عبروا فيه عن تراجعهم عن عدد من الأفكار التي يتبناها الحزب، إلا أن هذا الانشقاق اتجه وجهة إصلاحية بحتة داخل الحزب، دون أن يعلن عن تشكيل حزب بديل، وفي بريطانيا عمل عمر بكري على تأسيس حركة جديدة أطلق عليها اسم “حركة المهاجرين”، إلا أن انتشار الحركة بقي محدوداً ولم ينتشر في أوروبا، وأظهر البكري ميلاً واضحاً نحو السلفية الجهادية، إلا أنه لم يمارس عملاً عسكرياً، ولم يؤثر انشقاقه على جسم الحزب، وهو يعمل على إحياء الحركة في لبنان بعد أن استقر فيها.
أخطر وأكبر انشقاق
ولعل أخطر وأكبر انشقاق حدث في تاريخ الحزب كان عام 1997، حيث قام به عدد من أعضاء الحزب، وفي مقدمتهم محمد عبد الكريم أبو رامي - عضو مكتب الأمير ومعتمد الحزب في الأردن - والشيخ بكر سالم الخوالدة - رئيس اللجنة الثقافية في الحزب - وأعضاء في لجنة الولاية مثل: جميل شاكر، وعيد القواسمة، وأدهم عواد، وإبراهيم جرار. وتمحور سبب الانشقاق حول طلب إلغاء تبني كتاب “حمل الدعوة” والمطالبة بإعفاء محمد موسى صبري، وأبو إياس محمود عويضة مؤلف الكتاب السابق، من منصبيهما في “مكتب الأمير” عبد القديم زلوم. وقد استجاب الأمير في البداية لطلبهم إلا أنهم طالبوا فيما بعد بعزل الأمير، وتولية محمد عبد الكريم أبو رامي. ويطلق الحزب على هذه المجموعة لقب “الناكثين” فهو يقول: “وفي أواخر عهد العالم الكبير (عبد القديم زلوم)، حدثت فتنة النكث، حيث استحوذ الشيطان على عقول نفرٍ استغلوا حكم الشيخ، فدبروا أمرا بليل، وحاولوا حرف المسيرة عن خطها المستقيم. لقد حاولت زمرة الناكثين تلك أن توجد جرحاً غائراً في جسم الحزب لولا لطف الله سبحانه، ثم حكمة الشيخ وحزمه فلم تزد محاولات الناكثين عن إيجاد ثلم سطحي لم يلبث أن صح وعاد أقوى مما كان وانكفأت تلك الزمرة وأصبحت في طي النسيان”.
وقد تنحى الشيخ عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب عقب مرضه بتاريخ 17/3/2003، ثم ما لبث أن توفي بتاريخ 29/4/2003، وتولى مهام منصب الأمير المهندس عطا أبو الرشتة بتاريخ 13/4/2003، مهام إمارة الحزب. وفي هذه المرحلة ظهرت حركة انشقاق أخرى باسم “الحركة التصحيحية لحزب التحرير” بقيادة بكر الخوالدة وعدد من أعضاء الحزب، وأصدرت بياناً بتاريخ 12 رمضان 1424ھ، جاء فيه أن الحركة التصحيحية تعلن للأمة ولشباب حزب التحرير تنازلها عن عدد من الأفكار التي يتبناها الحزب وصلت إلى (31) مسألة من أبرزها التبرؤ من إنكار صحبة معاوية وشتمه، واعتبار القرشية شرط انعقاد لا أفضلية في تولي منصب الخليفة. والتنازل عن القول إن الاستخلاف هو الترشيح، والقول إن ولاية العهد بدعة، والتنازل عن إنكار عذاب القبر، وبظهور المهدي، ونزول عيسى، وظهور الدجال، والتنازل عن القول بحرمة دخول النقابات والجمعيات، والتنازل عن بعض المسائل الفقهية التفصيلية.
أسباب التعرجات والتصدعات
إن مسيرة حزب التحرير الحافلة بالتعرجات والتَّصدعات، جاءت مخيبة لكثير من الآمال التي عقدها أعضاء الحزب، وهي السبب في خروج عدد من القيادات عبر تاريخ الحزب، وربما يكون القول بأن حزب التحرير قد مات بموت مؤسسه الشيخ تقي الدين النبهاني صحيحًًاً إلى حد بعيد، فقد طبع النبهاني الحزب بطابعه وشخصيته، ولم ينجب الحزب بعده مفكرا يرتقي إلى مستواه ونضجه، فقد توافر النبهاني على ثقافة واسعة إسلامية وقومية، مكنته من تأسيس حزب زاوج فيه بين خبرته وعلمه؛ إذ استعار من الفكر الفاشي القومي مفاهيم “النظام والتكتل” ونقطة الابتداء والانطلاق والارتكاز، كما استعار النهج “الانقلابي” عبر التحالف مع الجيش، وتجنيد أعضائه للوصول إلى السلطة من الحركات القومية الراديكالية التي شاعت في خمسينيات القرن المنصرم.
لقد بقي الحزب منذ تأسيسه نخبوياً، ولم ينجح بالتواصل مع الجماهير الغاضبة، الأمر الذي أفسح المجال لحركات إسلامية شعبوية كالإخوان والجماعات السلفية بالتغلغل في النسيج الاجتماعي الشعبي، وإضعاف دور الحزب بحيث أصبح لا وجود له إلا على صعيد التاريخ، والمشاركة الرمزية من خلال النشرات الدَّورية، كما أن الحزب تجمد في رؤيته السياسية وبقي أسيراً لنظرة ساكنة لا تلحظ مجمل التغيرات الجذرية التي طرأت على النظام الدولي مع حلول عصر العولمة، ويعتبر موقف الحزب من القضية الفلسطينية مفصلا مهماً أشر على تراجع الحزب لصالح حركات وجماعات وأحزاب إسلامية تبنت نهج المقاومة والجهاد، فيما بقي الحزب أسير لطوبى الخلافة، وانتظار نصرة تأتي بالخليفة. كما أن فشل محاولات إصلاح الحزب والطبيعة الاستبدادية في تركيبته وقيادته، والتي تشبه طبيعة وتركيبة الحزب الماركسي اللينيني، فإن مصير الحزب يشبه مصيره، فالجمود والانغلاق وغياب التجديد والإبداع أدى إلى تكلس حزب التحرير وانكفائه، ليتحول إلى تحفة من متاحف التاريخ مفسحًا المجال لحركات وجماعات إسلامية صاعدة بدأت تحقق تقدماً ملحوظًًًا في أمكنة متعددة، بفضل الانفتاح على نظم الحداثة والديمقراطية مع الحفاظ على الهوية التراثية.
المصدر :
http://www.factjo.com/newsletterFullNews.aspx?id=913&INo=73
استغفر الله العظيم
اسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يعافيني و اياكم
من شرور
الضالين والمضلين
اللهم امين
استغفر الله العظيم
علينا ان نفكر ونحلل من هو النبهاني
لاننا نعرف ان عدونا ماكر وخبيث
من الممكن ان زرع هذا الشخص ليعمل لصالح المحتلين ؟؟!!!
سوال...
على المختصين والمحللين ان يتتبعوا منشاء هذا الرجل
لان كل الدلائل تشير بافكاره وسلوكه وكتبه تخدم المحتلين
لسبب بسيط ان حزب التحرير
يهاجم كل انسان عربي مسلم ووصف بلاد المسلمين بلاد كفر والعياذ بالله
ماترك لا عالم ولا امير ولا رئيس ولا احزاب
لا اخوان ولا حماس ولا سلطه
الا نتعتهم خونه مؤجورين عملاء
وعليه ان هذا الحزب
بتاريخه الطويل منذ ستون عام
يستعمل مصطلح الخلافه ليتستر بالدين
وهو معول هدم واحباط لكل مسلم وعربي
ووجب التنبيه منه ومن افكاره ودوافعه وفضحها
ولا نشك ان اعضائه مسلمون صالحون لكن ضللوا
وانخدعوا بشعار الخلافه
والله الهادي
حزب التحرير:
قتال عصابة اليهود غير شرعي
___________________________________________
■ يعتمد الحزب في سياق اقامة الدولة مبدأ طلب النصرة من العشائر والجيش
■ تميزت رؤية التحريريين للجماعات الاسلامية بالعنف والسلبية
■ قطب: “دعوهم فسينتهون حيث بدأ الإخوان”
■ من صيغة يمين الانتماء..”اقسم بالله العظيم ان انفذ القرارات وان خالفت رأيي”!
■ المودودي: “لا تجادلوهم دعوهم للأيام يموتوا”
■ الطبيعة الاستبدادية في تركيبة قيادات “حزب التحرير” كانت من اسباب فشله
■ يتسم البناء الهيكلي للحزب بتراتبية صارمة تنسجم مع طبيعته السرية
بعد أن تناولنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة - والتي نشرت في العدد الماضي - مسار تشكل حزب التحرير، والحزب بين مفهومي الدولة والخلافة، وموقف الحزب من الديمقراطية والمسألة القومية، ومنهج التغيير، نتناول في هذه الحلقة الثانية والأخيرة مراحل قيام الدولة الإسلامية وفق فهم الحزب، وموقفه من الجماعات الإسلامية، والهيكل التنظيمي له، ومستقبله في ظل الانشقاقات والتصدعات التي ظهرت داخله، مع تفصيل أسباب هذه الانقسامات، وأبرز الأسماء التي انشقت عن الحزب.. وتاليا التفاصيل:
مراحل قيام الدولة
يرى حزب التحرير أن قيام الدولة الإسلامية يمر بثلاث مراحل، الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية. والثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام، حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة. وأما الثالثة: مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم.
وهذه المراحل تبدأ باجتماع “الفكرة العميقة، والطريقة الواضحة٬ والإنسان التقي” ومتى توافرت هذه العناصر الثلاثة، فإن الخلية الأولى التي تتكاثر إلى خلايا عديدة تكون الحلقة الأولى للحزب “قيادة الحزب”، ومتى وجدت الحلقة الأولى فقد نبتت الكتلة الحزبية كما يرى مؤسس الحزب “النبهاني”، وبهذا فإن الحزب يكون قد دخل مرحلة “نقطة الابتداء”، وتنحصر مهمته في هذه المرحلة بإيجاد أشخاص مثقفين بثقافة حزبية، فلا وجود للتكتل الصحيح إلا بعد أن ينخرط العضو بعد معالجته حزبياً، وذلك عن طريق إيجاد تناسق بين الفكر والشعور، بتثقيف العضو من جديد ثقافة مبدئية صحيحة، وصياغة العقل بتكوينه من جديد.
وفي هذه المرحلة يجب “اعتبار جميع أفراد الأمة سواء في أنهم خالون من كل ثقافة، والبدء بتثقيف من يريدون أن يكونوا أعضاء في الحزب بثقافته”، ويجب الحذر وعدم التسرع في هذه المرحلة لكونها مرحلة تثقيفية. وفي المرحلة الثانية، ينتقل الحزب من طور التثقيف إلى دور “التفاعل مع الأمة”، فإذا تم “الإحساس في المجتمع على المبدأ، تكون قد اجتازت الدعوة نقطة الابتداء، وصار لا بد لها أن تنتقل إلى نقطة الانطلاق، ويعتبر الحزب هذه المرحلة “دقيقة، والنجاح فيها دليل على صحة تكوين الحزب”، ويعمل الحزب في هذه المرحلة على تكوين وتشكيل “رأي عام” في الأمة، يؤيد الفكرة الاسلامية، ويجب على الكتلة الحزبية في هذه المرحلة أن تحرص على عدم القيام “بأي عمل من الأعمال الأخرى، ويجب أن تقتصر على الفكر والدعوة، غير أن الأفراد لا يمنعون من القيام بما يرغبون من أعمال خيرية، لكن الكتلة لا تقوم بها، لأن عملها “إقامة الدعوة”، وتنتهي هذه المرحلة متى أصبح المجتمع مهيئا لقبول الفكرة الإسلامية، “فالمكان الذي تؤثر الدعوة في مجتمعه، ولم تستطع أن توجد لنفسها أجواء، لا يصلح لأن يكون نقطة ارتكاز مهما كثر عدد الحاملين للمبدأ”. ونقطة الارتكاز هي “الدولة المستكملة عناصر الدولة وقوة الدعوة”، ويعتبر الحزب مرحلة نقطة الابتداء ونقطة الانطلاق شبيهة بالعهد المكي، الذي يمتنع فيه القيام بالجهاد وأي عمل عسكري. والانتقال إلى إقامة الدولة، وهي المرحلة التي يتم فيها أخذ الحكم في أي مكان يعمل فيه. وعند قيام الدولة فلا يوجد مكان للتدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، فالواجب يحتم على “قيادة الأمة القيام بالعمل الإصلاحي الانقلابي” و “تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً”.
ويرى النبهاني أن هذه الطريقة الانقلابية هي ما فعلها قادة الفتح الإسلامي دون إبطاء أو تدرج. وهي الطريقة الشرعية التي يجب على الحركات الإسلامية أن تتبعها، في نهجها وحركتها.
وقد تحول الحزب في فترة لاحقة إلى مبدأ جديد في إقامة الدولة، يستند إلى “طلب النصرة” اقتداءًً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما حدث مع الأنصار في يثرب، عند إقامة الدولة الإسلامية في المدينة، حيث يعمد الحزب في هذه المرحلة إلى طلب النصرة من الأشخاص الذين يشكلون مراكز قوى في المجتمع، وأهل الحل والعقد من المسلمين، حتى تقوم دولة الخلافة في الأرض، وقد ركَّز الحزب على طلب النصرة من الرؤساء والعشائر، والجيش كقوى مؤثرة ضاغطة، إلا أن جميع محاولات الحزب باءت بالفشل.
موقف الحزب من الجماعات الإسلامية
تميزت رؤية الحزب للجماعات الإسلامية بالعنف والسلبية، فقد دأب الحزب في كتبه ونشراته، على مهاجمة التيارات الإسلامية المختلفة باعتبارها مخالفة للطريقة النبوية في إقامة الدولة الإسلامية، وارتهانها لرؤى ومقولات خيالية، تولي الجوانب الأخلاقية والقتالية أهمية في قيام الخلافة، وقد انعكست رؤية الحركات والجماعات الإسلامية لحزب التحرير بنفس القدر من العنف والسلبية، وشنت الجماعات الإسلامية حملات نقد قاسية للحزب، فالإخوان المسلمون، هددوا بفصل أي عضو يتصل بحزب التحرير، ومع بداية تأسيس الحزب استدعى الإخوان في الأردن بعض قيادات الجماعة في مصر لمواجهة حزب التحرير، وكان من هؤلاء الشيخ سعيد رمضان صهر مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، الذي حارب أفكار الحزب بشدة.
ويروى أن سيد قطب نصح الإخوان بإهمال حزب التحرير بقوله: “دعوهم فسينتهون من حيث بدأ الإخوان”. كما نصح الشيخ أبو الأعلى المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان الإخوان بإهمالهم قائلا: “لا تجادلوهم دعوهم للأيام يموتوا”. أما الشيخ محمد الحامد من سوريا فقد قام بمهاجمة حزب التحرير في خطبه المنبرية، وقام الشيخ علي الطنطاوي بمهاجمة الحزب في مجلة الإخوان “المسلمون”، التي كان يصدرها سعيد رمضان حيث كتب في أحد المقالات ساخراً من حزب التحرير، بقوله: “لا يدعو إلى شيء إلا أن تنزل الدولة الإسلامية من السماء كأنها المائدة، وتفتح الطبق فنجد طبخة جاهزة لنأكل منها”. وشارك الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في انتقاد الحزب عن طريق مقالات في مجلة “حضارة الإسلام” المقربة من الإخوان المسلمين، حيث هاجم الحزب وحذر من “دسائس في منتهى الخطورة والأهمية في بعض كتبهم”، واتهم النبهاني بالاتصال بالسفارة البريطانية في لبنان.
ولعل الهجوم الأكبر من قبل الإخوان جاء على لسان الشيخ عبد الله عزام الذي انتقد نهج الحزب وتمسكه بالمسألة الفكرية وإهماله للجانب العملي، فقد جعل هذا المسلك “نشاط الحزب جدلياً باردا، وأقحم نفسه في جدل لا أول له ولا آخر، ولم يحدث في واقع الناس أثراً يذكر... نظرا لجفاف أرواح أعضائه، وإيثارهم الجدل والكلام عن النواحي العملية”، وينتقد عزام الحزب ونهجه في طلب النصرة، وبعض المسائل الفقهية كجواز عضوية المرأة، وغير المسلم في مجالس الشورى، وإباحة تقبيل المرأة الأجنبية ومصافحتها وغيرها من المسائل التفصيلية. وكذلك إنكار حجية خير الآحاد في مسائل العقيدة، وما يترتب على ذلك من إنكار عذاب القبر، وظهور المسيح الدجال.
وممن انتقد الحزب الشيخ محمد الغزالي في أكثر من مسألة، ومنها: قول الحزب ان “الجهاد في الإسلام حرب هجومية وليست دفاعية”، واعتبر أن هذا الرأي لا يحتمل القبول. أما غازي التوبة فقد خصص فصلا من كتابه “الفكر الإسلامي المعاصر لانتقاد حزب التحرير، والشيخ تقي الدين النبهاني، واتهمه بالانحراف الفكري بسبب غلوه في رفع مكانة الأفكار وقيمتها في تغيير الأفراد والمجتمعات، وقصر مفهوم النهضة على الارتفاع الفكري والقول ان سبب انهيار دولة الإسلام إنما كان نتيجة للانحطاط الفكري، ويرى التوبة أن سبب “التضخم الفكري”، هو أن “فهم الحزب للإنسان لم يتطابق مع تصور الإسلام للإنسان، وفي أن فهمه للروح كان خاطئاً. ويرى محمد الحسن أن الحزب وقع في فهم خاطئ للتربية والثقافة أدى إلى نتائج سلبية كالتساهل بأخلاقيات وعبادة المنتسبين للحزب، ودخول الحزب في جدل مستمر على كافة المستويات، وفي كل المناسبات حيث أقحموا الجميع في نقاش يتسم بالجدل الممقوت، كما أن الاهتمام بالعمل السياسي أدى إلى تصديهم للأنظمة قبل التركيز على تربية الأفراد، وكذلك هجومهم المستمر على الحركات والشخصيات الإسلامية، ويذكر الحسن عدداً من المسائل الفقهية كالتي سبق أن ذكرها الشيخ عبد الله عزام.
موقف التيار السلفي من الحزب
وتلقى حزب التحرير نقداً لاذعاً من التيار السلفي؛ فالشيخ ناصر الدين الألباني يصف الحزب بأنه لا يقوم على الكتاب والسنة، ويعتبر أن “هذا التحزب وهذا التكتل الذي طرأ على الجماعة الإسلامية اليوم هو توسيع لدائرة التفرق الذي ورثناه خلفاً عن سلف”، وينتقد الألباني حزب التحرير بتعظيمه الاعتماد على العقل تأثراً بالمعتزلة، ومن هنا جاء القول بعدم الأخذ بخبر الآحاد، وما يترتب عليه من إنكار لعذاب القبر.
ويصف الشيخ عبد الرحمن دمشقية حزب التحرير بأقذع الأوصاف، إذ صنف كتاباً في الرد على الحزب، وذكر عدداً من المسائل التي وقع فيها الحزب في مجال العقيدة والفقه، ومن أهمها مسألة خبر الواحد وإنكار حجيته، ومسألة عذاب القبر، ونفى دمشقية عن الشيخ النبهاني كونه مجتهداً، وأخذ عليه إهمال الحزب للسنن الإلهية في قيام الدول، وتعظيم الحزب للعقل، وإهماله للمسألة الأخلاقية والتربوية، فضلاً عن المسائل الفقهية التفصيلية كإباحة تقبيل الأجنبية ومصافحتها وغيرها من المسائل.
أما الحركات السلفية الجهادية فعلى الرغم من اتفاقها مع الحزب على اعتبار العالم الإسلامي الآن هو دار كفر، والاعتقاد المشترك في كفر الأنظمة المعاصرة الحاكمة، وكفر الأنظمة الديمقراطية، فقد وجهت نقداً عنيفاً لا مثيل له لطريقة الحزب ومنهجه وعقيدته، فقد كتب أبو بصير رسالة ينتقد الحزب بعنوان “حزب التحرير وسياسة تسمين الخراف”، إذ يقول: “مما يؤخذ على حزب التحرير انتهاجه وأتباعه في توجهه ودعوته وتربيته لشباب الأمة سياسة ومنهج تسمين الخراف، حتى إذا ما سمنت ونضجت وطاب عطاؤها قربها بثمن بخس - بل وبلا ثمن - لتذبح طواعية، وبكل استسلام ومن دون أدنى مقاومة، في مقاصل الذبح على أيدي قساة وجلاوزة جزارين”، ويقول في مواضع أخرى : “انهم عبارة عن أداة دفعتهم الأنظمة العميلة.. فحزب التحرير لم يكتف بالقعود ودور المتفرج على حرمات المسلمين وهي تنتهك.. بل تجاوز ذلك ليطعن بالمجاهدين”، ويهاجم أبو بصير حزب التحرير لتعطيله فريضة الجهاد التي تعتبر جوهر الأيديولوجية السلفية الجهادية في إقامة الدولة الإسلامية، وطريقة ومنهج التغيير، فيقول: “أعضاء حزب التحرير، تراهم يعملون كقضاة في المحاكم الشرعية الوضعية التي تحكم بقوانين الطاغوت.. وسر ذلك كله أن حزب التحرير لا يرى شرعية ولا جواز جهاد وقتال عصابة اليهود.. فهم من هذا الجانب مرضي عنهم؛ لأنهم يؤدون الرسالة عن قصد أو غير قصد.
كما ينتقد منهج الحزب في طلب النصرة، وتقديم العقل على النقل، وترك الأخذ بخبر الآحاد وغيرها من المسائل. وفي هذا السياق ينتقد أبو قتادة منهج الحزب وعقيدته ويخلص إلى القول: “إن فهم الإيمان والتوحيد عند الحزب ليس هو الفهم السني، بل هو أقرب ما يكون إلى إفرازات الأشاعرة (المرجئة) حيث يجعل التوحيد عقيدة عقلية، ويجعل جهاد الكتلة المؤمنة كفاحاً سياسياً”.
ويمكن القول إن العلاقة بين حزب التحرير والجماعات الإسلامية تتسم بالعداء المتبادل والاتهامات والعنف الخطابي، وتوجد قطيعة بين الطرفين مبنية على الشك وانتفاء الحوار، يؤشر على ضعف البنية الفكرية التواصلية القائمة على أسس الحوار والاختلاف، فمعظم هذه الجماعات ترى في نفسها الفرقة الناجية والطائفة المنورة التي يجب على الآخرين الانضمام لها وتكثير سوادها.
الهيكل التنظيمي لـ “حزب التحرير”
يتسم البناء الهيكلي للحزب بتراتبية صارمة تنسجم مع طبيعته السرية، بسبب تبنيه نهجاً انقلابياً، وعدائه للأنظمة الحاكمة، وما هو معروف عن الحزب أنه يشرف عليه في كل دولة يعمل بها لجنة مكونة من عدة أشخاص من أعضاء الحزب تسمى “لجنة الولاية” كما أن هناك لجانا أخرى تشرف كل منها على مدينة معينة أو منطقة محددة تسمى “اللجنة المحلية” ويتم أحياناً تكليف شخص واحد من الحزب بمسؤولية الإشراف على الحزب في مدينة ما، أو مكان معين يسمى “المعتمد”، وتعتبر “لجنة القيادة” هي أعلى الهرم ويترأسها رئيس الحزب. وللحزب قانون إداري يبين الأمور الإدارية للحزب ولجانه ومسؤولية كل منها، كما يتضمن بيان العقوبات التي يتخذها الحزب بحق أعضائه إذا ارتكب أي منهم مخالفة شرعية أو حزبية، بالإضافة إلى بيان نظام الحلقات والإعداد لها، وتحديد واجبات المشرفين عليها. وغير ذلك من الأمور الإدارية المتعلقة بسير الحزب وإدارته بشكل عام.
ويصبح الشخص عضواً في الحزب بعد أداء قسم خاص بعد أن يكون قد أظهر نضجاً في الثقافة الحزبية، وصيغة القسم هي: “أقسم بالله العظيم أن أكون حارساً أميناً للإسلام، متبنياً آراء حزب التحرير هذا، مؤمناً بفكرته، واثقاً بقيادته، منفذاً قراراته وإن خالفت رأيي”، وتقتصر موارد الحزب المالية على الهبات من الأعضاء، ومن بيع الكتب التي ينشرها الحزب، ولا تفرض على أعضائها رسماً معيناً ملزماً.
انشقاقات وتصدعات
تعرض حزب التحرير منذ تأسيسه حتى الآن إلى تشققات وتصدعات عدة، إلا أنها لم تسفر عن انتهائه وإن كانت أضعفته بشكل كبير، ولعل أول انشقاق حدث كان مع بعض الرموز التاريخية المؤسسة للحزب، فلجنة القيادة التي تشكلت عقب رفض الحكومة الأردنية منح ترخيص للحزب عام 1953، من الشيخ النبهاني رئيساً والسيدين داود حمدان ونمر المصري كعضوين لم تعمّر طويلاً، فقد نشبت الخلافات بين النبهاني وحمدان والمصري، بسبب الاعتراض على إدخال سورية في الولايات التي يعمل فيها الحزب، لكي يكون ملجئاً آمناً لمن يتعرض للملاحقة في بقية البلدان، ويتهم الشيخ أحمد الداعور الرجلين بأن لهما مصالح وأعمالا دفعتهما إلى هذا الموقف.
أما الأستاذ غانم عبده فقد عزا خروجهما بسبب رغبة في الأمن والسلامة عقب ملاحقة أعضاء الحزب، وقد عين الشيخ النبهاني بدلاً منهما الشيخين أحمد الداعور وعبد القديم زلوم.
انسحاب “غانم عبده”
وفي عام 1965 ترك صفوف الحزب الأستاذ غانم عبده أحد المؤسسين وكان من المقربين من الشيخ النبهاني، وجاء تركه للحزب بسبب خلافات في الرأي حول بعض المسائل، من أهمها: مسألة طلب النصرة، وخوض الانتخابات البرلمانية، فقد رأى عبده أنه يوجد أهل حلٍٍٍ وعقدٍ تحققت فيهم شروط الإسلام اعتقاداً وفهماً والتزاماً، أما النبهاني والحزب فقد أصرَّا على مبدأ طلب النصرة من القادرين، ولو كانوا كفاراً، أما مسألة خوض الانتخابات، فيرى عبده أن فكرة الانتخابات مخالفة للشريعة لأن دخولها يعني قبول الدستور الذي يناقض الشريعة، وقد حاول عبده في مطلع التسعينات من القرن المنصرم تشكيل جماعة أطلق عليها اسم “حابا” إلا أنه لم يكتب لها النجاح والاستمرار، فقد حملت بياناتها الأولى ميلاً واضحا إلى تيار السلفية الجهادية.
انسحاب عبد العزيز الخياط
وانسحب من الحزب الشيخ عبد العزيز الخياط أحد أوائل المؤسسين الذين ساهموا في بناء الحزب، وتسلم فيما بعد حقيبة وزارة الأوقاف في الأردن في خمس حكومات متتالية من 1973 إلى 1989، بسبب محاولته التقريب بين الحزب والأخوان المسلمين، فهو يقول: “كان محور عملي يدور حول تجديد العمل والأسلوب والأهداف والنظرة من خلال حركة الإخوان المسلمين، وعدم إيجاد حزب إسلامي جديد لكي لا تتبعثر جهود العاملين، وكادت جهودي تنجح لولا أن أفسد ذلك الدكتور محمد سعيد رمضان”.
وتسبب موقف الحزب من القضية الفلسطينية بحدوث عدد من الانشقاقات والتصدعات إذ يرى الحزب أن حل القضية الفلسطينية يكون “برفض الاتفاقيات جملة وتفصيلاً والحيلولة دون عقد اتفاقيات أخرى مع اليهود، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل الجاد لإقامة الخلافة ومبايعة خليفة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله حتى يضع الإسلام موضع التنفيذ والتطبيق، وحتى يعلن الجهاد على اليهود ليستأصل شأفتهم”.
انسحاب أسعد التميمي
كما أدت رؤية حزب التحرير القاضية بتأجيل الجهاد حتى وجود الخليفة إلى خروج الشيخ أسعد بيوض التميمي أحد قدماء الحزب، والإعلان عن تأسيسه حركة الجهاد (كتائب بيت المقدس). وفي نفس السياق أسس الدكتور صالح سريَّة حركة تنظيم “الفنية العسكرية” في مصر عام 1974، أسفر عن محاولة انقلاب فاشلة انتهت بإعدامه.
ولذلك فإن رؤية الحزب للقضية الفلسطينية أضعفت من نفوذ الحزب وأثرت على مسيرته، فالعقيدة الانقلابية السياسية التي أخذ بها حزب التحرير تقوم أساساً على الإطاحة بأية حكومة عربية بهدف تهيئة دولة إسلامية كقاعدة تمكن من تنصيب خليفة يعلن الجهاد، ولهذا فقد امتنع الحزب منذ تأسيسه عن ممارسة المقاومة والكفاح المسلح حيث يرى الحزب أنها لا تجدي.
انشقاقات في لبنان وأوروبا وآسيا
وتعرض الحزب لعدة انشقاقات في فروعه المختلفة في لبنان وأوروبا وآسيا الوسطى، وربما تكون أفكار حزب التحرير غريبة بعض الشيء عن تراث آسيا الوسطى ومع ذلك فقد شهد الحزب تأسيس فرع له عمل بقوة في أوزبكستان، عقب سقوط الاتحاد السوفييتي، إلا أن الحزب تعرض لمنافسة شديدة من قبل جماعات ذات طابع سلفي جهادي، من أبرزها “حركة تركستان المجاهدة” التي عملت في سائر أقطار آسيا الوسطى كتركستان، وأوزبكستان، وطاجكستان، وقرغيزستان، وتعرضت هذه الحركات لضغوطات شديدة وانتهى بها الأمر في أفغانستان، حيث تبنت حركة طالبان هذه الحركة التي تزعمها “طاهر يلدتشيف” و “جمعة نمنغاني”، وأصبح حزب التحرير يعمل بشكل رمزي بعد أن تعرض لانشقاق كبير عن طريق الحركة الإكرامية بزعامة “أكرم يلدتشيف” الذي تحول من نهج حزب التحرير التقليدي، إلى السلفية الجهادية، وتبنى منهجاً انقلابيا عسكرياً يرتكز إلى التغيير عن طريق القوة والجهاد، ولا يزال حزب التحرير يعمل رغم الصعوبات والضغوطات الأمنية ويتركز عمله في أوزبكستان، إلا أن وجوده لا يتمتع بقبول بعد انشقاق الحركة الإكرامية، فقد تحول معظم أعضائه إلى التيارات السلفية الجهادية، وتعتبر تجربة الحزب في آسيا الوسطى فريدة من نوعها من حيث التحولات السريعة التي طالت البنية النظرية والعملية للحزب.
وفي أوروبا تعرض الحزب لانشقاقات عدة من أبرزها جماعة عبد الرحمن المالكي، وبنية الحزب في ألمانيا فقد أصدر أعضاء الحزب في أوروبا بياناً عبروا فيه عن تراجعهم عن عدد من الأفكار التي يتبناها الحزب، إلا أن هذا الانشقاق اتجه وجهة إصلاحية بحتة داخل الحزب، دون أن يعلن عن تشكيل حزب بديل، وفي بريطانيا عمل عمر بكري على تأسيس حركة جديدة أطلق عليها اسم “حركة المهاجرين”، إلا أن انتشار الحركة بقي محدوداً ولم ينتشر في أوروبا، وأظهر البكري ميلاً واضحاً نحو السلفية الجهادية، إلا أنه لم يمارس عملاً عسكرياً، ولم يؤثر انشقاقه على جسم الحزب، وهو يعمل على إحياء الحركة في لبنان بعد أن استقر فيها.
أخطر وأكبر انشقاق
ولعل أخطر وأكبر انشقاق حدث في تاريخ الحزب كان عام 1997، حيث قام به عدد من أعضاء الحزب، وفي مقدمتهم محمد عبد الكريم أبو رامي - عضو مكتب الأمير ومعتمد الحزب في الأردن - والشيخ بكر سالم الخوالدة - رئيس اللجنة الثقافية في الحزب - وأعضاء في لجنة الولاية مثل: جميل شاكر، وعيد القواسمة، وأدهم عواد، وإبراهيم جرار. وتمحور سبب الانشقاق حول طلب إلغاء تبني كتاب “حمل الدعوة” والمطالبة بإعفاء محمد موسى صبري، وأبو إياس محمود عويضة مؤلف الكتاب السابق، من منصبيهما في “مكتب الأمير” عبد القديم زلوم. وقد استجاب الأمير في البداية لطلبهم إلا أنهم طالبوا فيما بعد بعزل الأمير، وتولية محمد عبد الكريم أبو رامي. ويطلق الحزب على هذه المجموعة لقب “الناكثين” فهو يقول: “وفي أواخر عهد العالم الكبير (عبد القديم زلوم)، حدثت فتنة النكث، حيث استحوذ الشيطان على عقول نفرٍ استغلوا حكم الشيخ، فدبروا أمرا بليل، وحاولوا حرف المسيرة عن خطها المستقيم. لقد حاولت زمرة الناكثين تلك أن توجد جرحاً غائراً في جسم الحزب لولا لطف الله سبحانه، ثم حكمة الشيخ وحزمه فلم تزد محاولات الناكثين عن إيجاد ثلم سطحي لم يلبث أن صح وعاد أقوى مما كان وانكفأت تلك الزمرة وأصبحت في طي النسيان”.
وقد تنحى الشيخ عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب عقب مرضه بتاريخ 17/3/2003، ثم ما لبث أن توفي بتاريخ 29/4/2003، وتولى مهام منصب الأمير المهندس عطا أبو الرشتة بتاريخ 13/4/2003، مهام إمارة الحزب. وفي هذه المرحلة ظهرت حركة انشقاق أخرى باسم “الحركة التصحيحية لحزب التحرير” بقيادة بكر الخوالدة وعدد من أعضاء الحزب، وأصدرت بياناً بتاريخ 12 رمضان 1424ھ، جاء فيه أن الحركة التصحيحية تعلن للأمة ولشباب حزب التحرير تنازلها عن عدد من الأفكار التي يتبناها الحزب وصلت إلى (31) مسألة من أبرزها التبرؤ من إنكار صحبة معاوية وشتمه، واعتبار القرشية شرط انعقاد لا أفضلية في تولي منصب الخليفة. والتنازل عن القول إن الاستخلاف هو الترشيح، والقول إن ولاية العهد بدعة، والتنازل عن إنكار عذاب القبر، وبظهور المهدي، ونزول عيسى، وظهور الدجال، والتنازل عن القول بحرمة دخول النقابات والجمعيات، والتنازل عن بعض المسائل الفقهية التفصيلية.
أسباب التعرجات والتصدعات
إن مسيرة حزب التحرير الحافلة بالتعرجات والتَّصدعات، جاءت مخيبة لكثير من الآمال التي عقدها أعضاء الحزب، وهي السبب في خروج عدد من القيادات عبر تاريخ الحزب، وربما يكون القول بأن حزب التحرير قد مات بموت مؤسسه الشيخ تقي الدين النبهاني صحيحًًاً إلى حد بعيد، فقد طبع النبهاني الحزب بطابعه وشخصيته، ولم ينجب الحزب بعده مفكرا يرتقي إلى مستواه ونضجه، فقد توافر النبهاني على ثقافة واسعة إسلامية وقومية، مكنته من تأسيس حزب زاوج فيه بين خبرته وعلمه؛ إذ استعار من الفكر الفاشي القومي مفاهيم “النظام والتكتل” ونقطة الابتداء والانطلاق والارتكاز، كما استعار النهج “الانقلابي” عبر التحالف مع الجيش، وتجنيد أعضائه للوصول إلى السلطة من الحركات القومية الراديكالية التي شاعت في خمسينيات القرن المنصرم.
لقد بقي الحزب منذ تأسيسه نخبوياً، ولم ينجح بالتواصل مع الجماهير الغاضبة، الأمر الذي أفسح المجال لحركات إسلامية شعبوية كالإخوان والجماعات السلفية بالتغلغل في النسيج الاجتماعي الشعبي، وإضعاف دور الحزب بحيث أصبح لا وجود له إلا على صعيد التاريخ، والمشاركة الرمزية من خلال النشرات الدَّورية، كما أن الحزب تجمد في رؤيته السياسية وبقي أسيراً لنظرة ساكنة لا تلحظ مجمل التغيرات الجذرية التي طرأت على النظام الدولي مع حلول عصر العولمة، ويعتبر موقف الحزب من القضية الفلسطينية مفصلا مهماً أشر على تراجع الحزب لصالح حركات وجماعات وأحزاب إسلامية تبنت نهج المقاومة والجهاد، فيما بقي الحزب أسير لطوبى الخلافة، وانتظار نصرة تأتي بالخليفة. كما أن فشل محاولات إصلاح الحزب والطبيعة الاستبدادية في تركيبته وقيادته، والتي تشبه طبيعة وتركيبة الحزب الماركسي اللينيني، فإن مصير الحزب يشبه مصيره، فالجمود والانغلاق وغياب التجديد والإبداع أدى إلى تكلس حزب التحرير وانكفائه، ليتحول إلى تحفة من متاحف التاريخ مفسحًا المجال لحركات وجماعات إسلامية صاعدة بدأت تحقق تقدماً ملحوظًًًا في أمكنة متعددة، بفضل الانفتاح على نظم الحداثة والديمقراطية مع الحفاظ على الهوية التراثية.
المصدر :
http://www.factjo.com/newsletterFullNews.aspx?id=913&INo=73
استغفر الله العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق