الخميس، 11 أغسطس 2011

تفسير بعض الايات ... الله الهادي !!!!

 تفسير بعض الايات ... الله الهادي !!!!

السلام عليكم 
سنجعل ان شاء الله هذه الصفحه 
لتفسير بعض الايات من القران الكريم 
عسى ان تنفعنا واياكم 
ان شاء الله

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ
قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا
أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} صدق الله العظيم


قوله تعالى:
"ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض" 
ذكر نعمه على بني آدم،
وأنه سخر لهم ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم وتجر إليهم منافعهم. 
وما في الأرض عام في الجبال والأشجار والثمار
وما لا يحصى. 
"وأسبغ عليكم نعمه" أي أكملها وأتمها. 
وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة: وأصبغ بالصاد على بدلها من السين،
لأن حروف الاستعلاء تجنذب السين من سفلها إلى علوها فتردها صاداً.
والنعم: مع نعمة كسدرة وسدر بفتح الدال وهي قراءة نافع وأبي عمرو وحفص. 
الباقون: نعمة على الإفراد والإفراد يدل على الكثرة،
كقوله تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" إبراهيم:34 .

وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح.
وقيل: إن معناها الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس
وقد سأله عن هذه الآية: "الظاهرة الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيء عملك 
". النحاس: وشرح هذا أن سعيد بن جبير قال في قول الله عز وجل:
"يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم" المائدة:6 
قال: يدخلكم الجنة. وتمام نعمة الله عز وجل على العبد أن يدخله الجنة،
فكذا لما كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمي نعمة.
وقيل: الظاهرة الصحة وكمال الخلق،
والباطنة المعرفة والعقل.
وقال المحاسبي: الظاهرة نعم الدنيا، والباطنة نعم العقبى. وقيل: الظاهرة
ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس وتوفيق الطاعات، 
والباطنة ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله وحسن اليقين وما يدفع الله تعالى عن العبد من الآفات.
وقد سرد الماوردي في هذا أقوالاً تسعة، 
كلها ترجع إلى هذا.
قوله تعالى: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم" تقدم معناها في الحج وغيرها.
نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أخبرني عن ربك،
من أي شئ هو ؟ فجاءت صاعقة فأخذته،
قاله مجاهد. وقد مضى هذا الرعد. وقيل إنها نزلت في النضر بن الحارث،
كما يقول: إن الملائكة بنات الله، قاله ابن عباس. "يجادل" يخاصم
"بغير علم" أي بغير حجة "ولا هدى ولا كتاب منير" أي نير بين، إلا الشيطان فما يلقى إليهم.
"وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم" الأنعام:121 
وإلا تقليد الأسلاف كما في الآية بعد.
" أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير " يتبعونه.
000


بسم الله الرحمن الرحيم

{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}


فيه ثماني مسائل: الأولى: قوله تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه" هاتان الآيتان اعتراض بين أثناء وصية لقمان. وقيل: إن هذا مما أوصى به لقمان ابنه، أخبر الله به عنه، أي قال لقمان لابنه: لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك، فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى. وقيل: أي وإذ قال لقمان لابنه، فقلنا للقمان فيما آتيناه من الحكمة ووصينا الإنسان بوالديه، أي قلنا له اشكر الله، وقلنا له ووصينا الإنسان. وقيل: وإذ قال لقمان لابنه لا تشرك، ونحن وصينا الإنسان بوالديه حسناً، وأمرنا الناس بهذا، وأمر لقمان به ابنه، ذكر هذه الأقول القشيري. والصحيح أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص، كما تقدم في العنكبوت وعليه جماعة المفسرين.
وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ركوب كبيرة ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات، ويستحسن في ترك الطاعات الندب، ومنه أمر الجهاد الكفاية، والإجابة للأم في الصلاة مع إمكان الإعادة، على أن هذا أقوى من الندب، لكن يعلل بخوف هلكة عليها، ونحوه مما يبيح قطع الصلاة فلا يكون أقوى من الندب. وخالف الحسن في هذا التفصيل فقال: إن متعته أمه من شهود العشاء شفقة فلا يطعها.
الثانية: لما خص تعالى الأم بدرجة ذكر الحمل وبدرجة ذكر الرضاع حصل لها بذلك ثلاث مراتب، وللأب واحدة، وأشبه ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين قال له رجل: من أبر؟ قال: أمك قال : ثم من ؟ قال:أمك قال : ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من ؟ قال: أبوك فجعل له الربع من المبرة كما في هذه الآية، وقد مضى هذا كله في سبحان.
الثالثة: قوله تعالى: "وهنا على وهن" أي حملته في بطنها وهي تزداد كل يوم ضعفاً على ضعف. وقيل: المرأة ضعيفة الخلقة ثم يضعفها الحمل. وقرأ عيسى الثقفي: وهنا على وهن بفتح الهاء فيهما، ورويت عن أبي عمرو، وهنا بمعنى واحد قال قعنب ابن أم صاحب: هل للعواذل من ناه فيزجرها إن العواذل فيها الأين والوهن 
يقال: وهن يهن، ووهن يوهن، ووهن يهن، مثل ورم يرم. وانتصب وهناً على المصدر، ذكره القشيري. النحاس: على المفعول الثاني بإسقاط حرف الجر، أي حملته بضعف على ضعف. وقرأ الجمهور: وفصاله وقرأ الحسن و يعقوب: وفضله وهما لغتان، أي وفصاله في انقضاء عامين، والمقصود من الفصال الفطام، فعبر بغايته ونهايته. ويقال: انفصل عن كذا تميز، وبه سمي الفصيل.
الرابعة: الناس مجمعون على العامين في مدة الرضاع في باب الأحكام والنفقات، وأما في تحريم اللبن فحددت فرقة بالعام لا زيادة ولا نقص. وقالت فرقة: إن فطم الصبي قبل العامين وترك اللبن فإن ما شرب بعد ذلك في الحولين لا يحرم، وقد مضى هذا في البقرة مستوفى.
الخامسة: قوله تعالى: "أن اشكر لي" أن في موضع نصب في قول الزجاج، وأن المعنى: ووصينا الإنسان بوالديه أن أشكر لي. النحاس: وأجود منه أن تكون أن مفسرة، والمعنى: قلنا له أن اشكر لي ولوالديك. قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان، وللوالدين على نعمة التربية. وقال سفيان بن عيينة: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما. 

انتهى



بسم الله الرحمن الرحيم



{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ
فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ
أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}


قوله تعالى: "يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير".
المعنى: وقال لقمان لابنه يا بني. وهذا القول من لقمان إنما قصد به إعلام ابنه بقدر قدرة الله تعالى. وهذه الغاية التي أمكنه أن يفهمه، لأن الخردلة يقال: إن الحس لا يدرك لها ثقلاً، إذ لا ترجع ميزاناً. أي لو كان للإنسان رزق مثقال حبة خردل في هذه المواضع جاء الله بها حتى يسوقها إلى من هي رزقه، أي لا تهتم للرزق حتى تشتغل به عن أداء الفرائض، وعن ابتاع سبيل من أناب إلي.
قلت: ومن هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: "لا تكثر همك ما يقدر يكون وما ترزق يأتيك" وقد نطقت هذه الآية بأن الله تعالى قد أحاط بكل شئ علماً، وأحصى كل شئ عدداً، سبحانه لا شريك له. وروي أن ابن لقمان سأل أباه عن الحبة تقع في سفل البحر أيعلمها الله ؟ فراجعه لقمان بهذه الآية. وقيل: المعنى أنه أراد الأعمال، المعاصي والطاعات، أي إن تك الحسنة أو الخطيئة مثال حبة يأت بها الله، أي لا تقوت الإنسان المقدر وقوعها منه. وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة ترجية وتخويف
مضاف ذلك إلا تبيين الله تعالى. وفي القول الأول ليس فيه ترجية ولا تخويف.
قوله تعالى:"مثقال حبة" عبارة تصلح للجواهر، أي قدر حبة وتصلح للأعمال، أي ما يزنه على جهة المماثلة قدر حبة. ومما يؤيد قول من قال هي من الجواهر: قراءة عبد الكريم الجزري فتكن بكسر الكاف وشد النون، ومن الكن الذي هو الشيء المغطى. وقرأ جمهور القراء: إن تك بالتاء من فوق مثقال بالنصب على خبر كان، واسمها مضمر تقديره: مسألتك، على ما روي، أو المعصية والطاعة على القول الثاني، ويدل على صحته قول ابن لقمان لأبيه: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله ؟ فقال لقمان له: " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة" الآية. فما زال ابنه يضطرب حتى مات، قاله مقاتل والضمير في إنها ضمير القصة، كقولك: إنها هند قادمة، أي القصة إنها إن تك مثقال حبة. والبصريون يجيزون: إنها زيد ضربته، بمعنى إن القصة. والكوفيون لا يجيزون هذا إلا في المؤنث كما ذكرنا. وقرأ نافع: مثقال بالرفع، وعلى هذا تك يرجع إلى معنى خردلة، أي إن تك حبة من خردل. وقيل: أسند إلى المثقال فعلاً فيه علامة التأنيث من حيث انضاف إلى مؤنث هو منه، لأن مثقال الحبة من الخردل إما سيئة أو حسنة، كما قال: "فله عشر أمثالها" الأنعام:160 فأنث وإن كان المثل مذكراً، لأنه أراد الحسنات. وهذا كقول الشاعر:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الريـاح النواسـم 
وتك ها هنا بمعنى تقع فلا تقضي خبرا.
قوله تعالى: "فتكن في صخرة" قيل: معنى الكلام المبالغة والانتهاء في التفهيم، أي أن قدرته تعالى تنال ما يكون في تضاعيف صخرة وما يكون في تضاعيف صخرة وما يكون في السماء والأرض. وقال ابن عباس: الصخرة تحت الأرضين السبع وعليها الأرض. وقيل: هي الصخرة على ظهر الحوت. وقال السدي: هي صخرة في السماوات والأرض، بل هي وراء سبع أرضين عليها ملك قائم، لأنه قال: "أو في السماوات أو في الأرض" وفيهما غنية عن قوله: "فتكن في صخرة" تأكيد، كقوله: "اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق" العلق:1 -2 ، وقوله: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا" الإسراء:1 .


انتهى



بسم الله الرحمن الرحيم



{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ
وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}


فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: "يا بني أقم الصلاة" وصى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا إنما يريد به بعد أن يتمثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع. ولقد أحسن من قال:
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم 
في أبيات تقدم في البقرة ذكرها.
الثانية: قوله تعالى: "واصبر على ما أصابك" يقتضي على تغيير المنكر وإن نالك ضرر، فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحياناً وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله، وأما على اللزوم فلا، وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في آل عمران والمائدة. وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها، وألا يخرج من الجزع إلى المعصية الله عز وجل، وهذا قول حسن لأنه يعم.
قوله تعالى: "إن ذلك من عزم الأمور" قال ابن عباس: من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره. وقيل: إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به، قاله ابن جريج: ويحتمل إن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة. وقول ابن جريج أصوب. 

انتهى


بسم الله الرحمن الرحيم



{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}


قوله تعالى:"ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور".
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وابن محيصن: تصاعر بالألف بعد الصاد. وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر والحسن ومجاهد: تصعر وقرأ الجحدري: تصعر بسكون الصاد، والمعنى متقارب. والصعر: الميل، ومنه قول الأعرابي: وقد أقام الدهر صعرى، بعد أن أقمت صعره. ومنه قول عمر بن حني التغلبي: 
وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له مـن ميله فتقـوم 
وأنشده الطبري: فتقوما. قال ابن عطية: وهو خطأ، لأن قافية الشعر مخفوضة وفي بيت آخر: أقمنا له من خذه المتصعر.
قال الهروي: ولا تصاعر أي لا تعرض عنهم تكبراً عليهم، يقال: أصاب البعير صعر وصيد إذا أصابه داء يلوي منه عنقه. ثم يقال للمتكبر: فيه صعر وصير، فمعنى: لا تصعر أي لا تلزم خدك الصعر. وفي الحديث: "يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر" والأصعر: المعرض بوجه كبرا، وأراد زدالة الناس لا دين لهم. وفي الحديث: "كل صعار ملعون" أي كل ذي أبهة وكبر.
الثانية: معنى الآية: ولا تمل خدك الناس كبراً عليهم وإعجاباً واحتقاراً لهم. وهذا تأويل ابن عباس وجماعة. وقيل: هو أن تلوي شدقك إذا ذكر عندك كأنك تحتقره، فالمعنى: أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً، وإذا حدثك أصغرهم فاصغ إليه حتى يكتمل حديثه. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
قلت: ومن هذا المعنى ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". فالتدابر الإعراض وترك الكلام والسلام ونحوه. وإنما قيل للإعراض تدابر لأن من أبغضته أعرضت عنه ووليته دبرك، وكذلك يصنع هو بك. ومن أحببته أقبلت عليه بوجهك وواجهته لتسره ويسرك، فمعنى التدابر موجود فيمن صعر خده، وبه فسر مجاهد الآية. وقال ابن خويز منداد: قوله: "ولا تصعر خدك للناس" كأنه نهى أن يذل الإنسان نفسه من غير حاجة، ونحو ذلك روي النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس للإنسان أن يذله نفسه" .
الثالثة: قوله تعالى: "ولا تمش في الأرض مرحا" أي متبختراً متكبراً، مصدر في موضع الحال، وقد مضى في سبحان. وهو النشاط والمشي فرحاً في غير شغل وفي غير حاجة. وأهل هذا الخلق ملازمون للفخر والخيلاء، فالمرح مختال في مشيته. روى يحيى بن جابر الطائي عن ابن عائد الأزدي عن عضيف بن الحارث قال: أتيت بيت المقدس أنا وعبد الله بن عبيد بن عمير قال: فجلسنا إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسمعته يقول: إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول: يا ابن آدم ما غرك بي! ألم تعلم أني بيت الوحدة! ألم تعلم أني بيت الظلمة! ألم تعلم أني بيت الحق! يا ابن آدم غرك بي! لقد كنت تمشي حولي فدادا. قال ابن عائد قلت لغضيف: ما الفداد يا أبا أسماء ؟ قال: كبعض مشيتك يا ابن أخي أحياناً. قال أبو عبيد: والمعنى ذا مال خيلاء. وقال صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة". والفخور: هو الذي يعدد ما أعطي ولا يكشر الله تعالى، قاله مجاهد. وفي اللفظة الفخر بالنسب وغير ذلك.

انتهى


بسم الله الرحمن الرحيم

{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ 
إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}




قوله تعالى: "واقصد في مشيك واغضض من صوتك
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"

فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى: " واقصد في مشيك" لما نهاه عن الخلق الذميم ريم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله فقال: واقصد في مشيك أي توسط فيه. والقصد: ما بين الإسراع والبطء، أي لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب الشطار، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن" . فأما ما روي عنه عليه السلام أنه كان إذا مشى أسرع، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما: كان إذا مشى أسرع - فأما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت، والله أعلم. وقد مدح الله سبحانه من هذه صفته حسبما تقدم بيانه في الفرقان.
الثانية: قوله تعالى: "واغضض من صوتك" أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه، فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي. والمراد بذلك كله التواضع، وقد قال عمر لمؤذن تكلف رفع الأذان بأكثر من طاقته: لقد خشيت أن ينشق مريطاؤك! والمؤذن هو أبو محذورة سمرة بن معير. والمريطاء: ما بين السرة إلى العانة.
الثالثة: قوله تعالى: "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" أي أقبحها وأوحشها، ومنه أتانا بوجه منكر. والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة، وكذلك نهاقه، ومن اسفحاشهم لذكره مجرداً أنهم ينكون عنه ويرغبون عن التصريح فيقولون: الطويل الأذنين، كما يكنى عن الأشياء المستقذرة. وقد عد في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة. ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافاً وإن بلغت منه الرجلة. وكان عليه الصلاة والسلام يركبه تواضعاً وتذللاً لله تبارك وتعالى.
الرابعة: في الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير، لأنها عالية. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً" وقد روي: أنه ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شي شيطاناً. وقال سفيان الثوري: صياح كل شئ تسبيح إلا نهيق الحمير. وقال عطاء: نهيق الحمير دعاء على الظلمة.
الخامسة: وهذه الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاوناً بهم، أو بترك الصياح جملة، وكانت العرب تفخر بجهارة الصوت الجهير وغير ذلك، فمن كان منهم أشد صوتاً كان أعز، ومن كان أخفض كان أذل، حتى قال شاعرهم:
جهير الكلام جهير العطـاس جهير الـرواء جهيـر النعـم 
ويعدو على الأين عدوى الظليم ويعلو الرجال بخلـق عمـم 
فنهى الله سبحانه وتعالى عن هذه الخلق الجاهلية بقوله: "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" أي لو أن شيئاً يهاب لصوته لكان الحمار، فجعلهم في المثل سواء.
السادسة: قوله تعالى: "لصوت الحمير" اللام للتأكيد، ووحد الصوت وإن كان مضافاً إلى الجماعة لأنه مصدر والمصدر يدل على الكثرة، وهو مصدر صات يصوت صوتاً فهو صائت. ويقال: صوت تصويتاً فهو مصوت. ورجل صات أي شديد الصوت بمعنى صائت، كقولهم: رجل مال ونال، أي كثير المال والنوال.

انتهى


تحياتي 
البركـــــــــــــان

ليست هناك تعليقات: